يمثل اليوم الوطني لأبناء المملكة العربية السعودية ذكرى خالدة على مر الأيام، ونشكر الله تعالى فيها على نعمة التوحيد، والأمن، والاستقرار، والعطاء. ففي مثل هذا اليوم اكتملت مسيرة التوحيد، وبرز للعالم ذلك الكيان الكبير، والصرح المبارك متمثلاً في دولة قامت على كتاب الله تعالى، وسنة حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم، بعد مسيرة كفاح قادها البطل المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- ومعه صحبه الكرام الأوفياء ممّن نذروا أنفسهم لإقامة هذا الكيان الشامخ، فكان ذلك الإعجاز الذي تحقق على رمال هذه الصحراء الشاسعة، وتم توحيد البلاد تحت راية واحدة جمعت شتاتها، بعد فرقة وضعف وشتات، إنها دولة شقّت طريقها نحو التقدّم والبناء، في كيان واحد يضم أبناء الوطن، وقامت المملكة العربية السعودية تحت راية التوحيد خفاقة، الراية التي صارت تخفق بكلمة التوحيد، بكل معاني الخير والعطاء. لقد التفّ أبناء الوطن حول مَن وحّدهم، وناصروه بقوة تتناسب مع سمو هدفه في لمّ الشمل، وبناء الوطن الجديد، وكانت قوة هذا الوطن في تلاحمه والتفافه حول قائده -رحمه الله-. وانطلقت مسيرة البناء فوق ربوع الصحراء، وتحقق الأمن والاستقرار للوطن والمواطن، وامتدّت يد التنمية إلى ربوع الوطن في مسيرة لم يكن يتوقعها أذكى المخططين، إنها النيّة الطيّبة للمؤسس -رحمه الله- فقد أصبحت للمملكة قوتها الاقتصادية، ومكانتها السياسية، علاوة على مكانتها الروحية، التي أكرمها الله بها؛ لكونها تقوم على خدمة الحرمين الشريفين، وعلى خدمة ضيوف البيت العتيق، وزوّار مسجد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة، وتم ذلك بتسخير الدولة لكافة الإمكانات التي فتح الله تعالى بها عليها. وإن تأمين طرق سير قوافل الحجاج والعمّار والزوّار كان من أبرز منجزات الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- بعد أن كانت هذه الطرق غير معبّدة، وغير آمنة.. فالداخل للجزيرة مفقود، والخارج منها مولود! فمكّنه الله تعالى من تأمين الطرق التي يسير فيها الحجاج، فرفعوا أكفَّ الضراعة يسألون الله تعالى له العز والتمكّن، واليوم نعيش -بفضل الله تعالى- في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وهو شخصية قيادية فذّة، تتمتع بروح إنسانية راقية، وصراحة ومصداقية عالية. يؤمن بالمبادئ الإنسانية النبيلة والخيّرة، ويتحدث، ويعمل بإخلاص من أجلها.. فهو رجل إصلاح وسلام وتعاون، جعل الحوار نهجه الشخصي والسياسي، واتبعه على المستوى الوطني والعربي والإسلامي والعالمي لتحقيق التفاهم بين البشر، وحفظ الكرامة والأمن الإنساني.. ومن أبرز سياساته على المستوى الوطني، والتي تنسجم وتتكامل مع جهوده الدولية ما يلي: • عنايته بالحرمين الشريفين، وخدمة ضيوف الرحمن، وتسهيل أداء مناسكهم، وتبنيه المشاريع الطموحة لتوسعة وتطوير الحرمين الشريفين، والمشاعر المقدسة، والخدمات والبنية الأساسية التابعة لها، ومن المشاريع القائمة والمستكملة في السنوات الأخيرة ما يلي: - مشروع توسعة الساحات الشمالية، والشمالية الغربية للمسجد الحرام، ومشروع تحسين عمارة المسجد النبوي الشريف الذي أضاف مبنى جديدًا يحيط بشمال شرق المسجد، وزاد توسعة ساحاته، وتغطيتها بمظلات تقي المصلّين الشمس. - مشروع توسعة المسعى، وقد استفاد منه الملايين من ضيوف الرحمن، والعمّار، والزوّار. - مشروع منشأة الجمرات، وقد اكتملت أدواره الخمسة واستفاد منه الحجيج. - مشروع وقف الملك عبدالعزيز للحرمين الشريفين، وهو دعم ومساندة خاصة للحرمين الشريفين وخدماتهما. - مشروع قطار المشاعر الذي يربط مكةالمكرمة بالمشاعر المقدسة، ويسهل على الحجاج أداء مناسكهم، وقد بدأ العمل به منذ عامين، وأصبح حلمًا تحقق بفضل الله تعالى. - مشروع قطار الحرمين الشريفين الذي يربط مكةالمكرمة بالمدينة المنورة، والعمل جارٍ فيه على قدم وساق. - مشروع سقيا زمزم، لضمان نقاوة المياه بأحدث الطرق العلمية، وتعبئتها وتوزيعها آليًّا. وهذا فيض من غيث، وليبقى الوطن شامخًا في عليائه، رغم أنف الحاقدين، والحاسدين، وسوف تتجدد الذكرى ويتجدد معها العطاء والنماء فوق أرض هذا الوطن ما دامت راية التوحيد خفاقة عالية تظلل سماء الوطن، وتنشر في ربوعه كل معاني الأمن والطمأنينة والاستقرار والأمان، ونسأل الله تعالى أن يعيد هذه المناسبة على هذا الوطن الغالي، وأن يحفظ لنا قيادته الرشيدة، ويمدها بعونه وتوفيقه، ويكفي بلادنا العزيزة شر كل ذي شر.. إنه سميع مجيب. * وكيل الوزارة لشؤون الحج