كثيرًا ما نجد في كافة الوزارات والهيئات الحكومية والشركات الخاصة مصطلح المستشار، لكن لا يعرف البعض منّا ما هو الدور الحقيقي للمستشار؟ وما هي معايير اختياره؟ إن درجة المستشار-سواء كان ذلك في الهيئات الحكومية، أو الخاصة- لا تدخل ضمن الهرم الإداري للمؤسسة، بل هي درجة منفردة بذاتها، كما أن هذه الدرجة لا تخضع لمقاييس العمر، أو درجة التعليم، أو نوع الشهادة التي حصل عليها المرء.. يمكن أن نقول إنها وظيفة حرة، وهذه الوظيفة تستند على حقيقة مفادها أن: «رؤية المستشار يجب أن تسبق رؤى كافة أعضاء إدارة الشركة، بحيث يرى ما لا يرونه، ويتوقع المشكلات، ويضع حلها، ويقدم نموذجًا استرشاديًّا للمؤسسة كي تسير عليه». ويجب أن تتوفر لهذا المستشار خبرة طويلة في المجال الذي يعمل به، حيث إنه بذلك سيكون قد مر بالكثير من المشكلات التي تواجه المؤسسة التي يعمل بها، فيسارع إلى حلها، إلاّ أن هذا لا يعني أن يكون عامل السن له دخل في تحديد اختيار المستشار، بل ما يحدد اختيار هذا المستشار هو تفوقه في مجاله، وحُسن سمعته وقدرته على سماع الآخرين، واستيعاب أفكارهم، وقدرته على المناقشة والإقناع. هل يعني ذلك أن ييأس شبابنا من تولّي هذه الوظيفة المرموقة بدافع أنها حكر على كبار السن؟ والإجابة عن هذا السؤال هي «لا». وسنوضح تفسير ذلك: يمكن أن يتساوى الكثيرون في حُسن السيرة والقدرة على الإقناع والاستماع، ولكن ما يرجح كفة مستشار عن آخر هو مدى إلمامه بصغائر الأمور التي تحدث في المجال. ولا يأتي ذلك بالدراسة فقط، أو بالدرجات العلمية، ولكن يأتي ذلك بالمتابعة الدقيقة لما يحدث في المجال، ومدى إلمامه بكافة المشكلات التي تعرض لها المجال الذي يعمل فيه في كافة دول العالم، والأسلوب الذي تم اتباعه لحلها. يمكن أن يعتمد أحد المستشارين على سنوات عمله الطويلة في مجال ما، ولكن يمكن اختصار كل تلك السنوات الطويلة بقراءة تجارب أهل الخبرات، بحيث يمكن أن يكون المرء صغيرًا في السن، وقد قرأ للكثير من الخبراء في مجاله، وأصبح ملمًّا بكافة العناصر التي تمكنه من حل أي مشكلة بسهولة ويسر. ولذلك تعتبر الخبرة التراكمية التي يتم اكتسابها من خلال استقاء خبرات الآخرين، وكثرة حضور المؤتمرات العلمية، ونشر البحوث من أهم العوامل التي تحدد تميّز مستشار عن آخر. وليُسأل كل واحد يريد أن يصبح مستشارًا، بصرف النظر عن عمره: كم نشر من بحث أو دراسة؟ كم شارك في مؤتمرات علمية في الداخل أو في الخارج؟ كم قرأ من كتاب يتناول قضايا المهنة التي يعمل بها؟ كم اتصل بالخبرات من مختلف دول العالم، أو راسلهم، أو اطلع على دراستهم؟ وأخيرًا نقول إن المستشارين الأكفاء يظهرون تلقائيًّا، وهم على الرغم من قلتهم إلاّ أنهم يتميّزون بقدرة عالية على معالجة الأمور، وإرشاد الآخرين إلى الطريق الصحيح. وبقدر ما يتوفر لدى المؤسسة من مستشارين أكفاء، بقدر ما تجد طريقها الصحيح للنجاح. وإذا أردنا أن نحدد طبيعة الأدوار داخل إحدى المؤسسات نقول التالي: - ترسم إدارة المؤسسة الخطة الإستراتيجية لإدارة المؤسسة وتتابع تنفيذها. - يعمل الموظفون داخل أقسامهم باجتهاد لتحقيق أهداف المؤسسة. - تحدث عراقيل في السوق الذي تعمل به المؤسسة، سواء من المنافسين، أو لظروف اقتصادية طارئة، أو غيرها من الأسباب. - تلجأ الإدارة إلى مستشاريها لوضع حلول جذرية لهذه المشكلات التي يمكن أن تضر بالمؤسسة، أو بأعمالها، أو تغيير إدارتها، والدخول في عدم استقرار إداري. - يقود المستشار المؤسسة إلى بر الأمان بما له من قدرة على حل المشكلات بأفضل الحلول من خلال ما يتمتع به من حجم معلومات، وخبرات متراكمة هائلة. ولا يسعنا في النهاية إلاّ القول بأن المستشار أحد أركان المؤسسة التي لا غنى عنها من أجل وصول المؤسسة إلى النجاح والمحافظة عليه.