* في الرسالة التي وجهها زميلي وصديقي نائب رئيس التحرير الأستاذ محمد علي الزهراني لسمو وزير التربية والتعليم، عن حقيقة التعليم، ومأساتنا التي أراها تغتال أحلام وطن!! كيف لا والعملية التعليمية هي أهم ما يهم الأجيال الذين هم سواعد الغد الآتي، ومن حق زميلي محمد أن يكتب بشجاعة، ويحبك مفرداته بدمه، مفرداته التي لم تأتِ من فراغ، بل جاءت من خلال روحه المملوءة بحب الوطن!! ولكي أكون منصفًا سوف أكمل مهمته التي بدأها في رسالتي هذه، لتكون الرسالة الثانية لسمو وزير التربية، متمنيًا من سموه أن يقرأ سيرة كل مديري تعليم العموم في كل المناطق، نعم أود من سموه أن يطلب الآن ملفاتهم كلها، والتي حتمًا سيجد بعضها مملوءًا بالكثير، ربما بشهادة البكالوريوس بتقدير مقبول، وربما بعضها بتقدير جيد، وربما أكمل بعضهم خدمته القانونية، وتم التمديد له لأكثر من مرة، كما أود من سموه أن يختار بذهنه مَن يدير العملية التعليمية، مؤكدًا لسموه أنه سوف يختار الرجل المناسب، والمرأة المناسبة، وليته يتمكن من إعادة صياغة الفكر الإداري في وزارة التربية المملوءة بالوكلاء، والنواب، والمديرين العامين الذين معظمهم لا يهمه سوى أن يبقى هو المدير العام والمسؤول الرفيع في وزارة تأكلها الهموم من كل الجهات، فلا المعلم له قيمة، ولا المعلمة، ولا المبنى، ولا الفصل، ولا الفناء، ولا الطالب، ولا الطالبة، وأي نمو يتحقق في مؤسسة تُدار بعقول هرمة لا علاقة لها بالحاضر، عقول بعيدة عن لغة العصر والثورة العلمية التي أحدثت في العالم كله نقلة كبيرة وواسعة، إلاّ في عالمنا الذي ما يزال يأكل العشب، ويعيش على الأفكار التقليدية، يطبع الكتب، ويطور المناهج بمليارات الريالات، ويركض بعكس الاتجاه، بمعنى أن العالم في جهة، ونحن في الجهة الأخرى!! * يا سمو الأمير: في مدارس جدة فئران، وحشرات، ونظافة معدومة، وبكل صراحة لم أجد شيئًا فيها سوى الألم!! وفي جنوبجدة، مدارس هي لا تختلف تمامًا عن المقابر، بعضها حكومي، وبعضها مستأجر، ولكم أن تتصوّروا كيف تكون المخرجات حين تكون المدرسة مجهزة بطريقة عجيبة، وأن معظمها ما تزال تعيش على مكيّفات قديمة جدًّا تعمل بكفاءة أدنى من الصفر بصفرين، لا والمصيبة أن هناك فكرة تم تنفيذها -للمدارس غير النموذجية طبعًا- حيث تم تظليل أحواش المدارس، فأصبحت بذلك تُشبه الورشة في هيئتها، لاسيما وأن المكيفات خربة، وليست مركزية تعمل في جوٍّ حارٍ جدًّا ومغلقٍ، ودليلي على ذلك (المتوسطة الخامسة للبنات في جنوبجدة)، والتي أصبحت حكاية مميتة، وقاتلة للتفكير، ومهلكة جدًّا لكل العقول التي جاءت لتتعلم، وتستزيد من العلم في بيئة غير جيدة إطلاقًا!! وأجزم أن معظم البنات يخرجن من مدارسهن مبلولات بالعرق، ومنهكات من التعب، وكذلك معلماتهن، وكثيرة هي متاعبهن مع التعليم الذي أراه يصر على العودة للخلف أكثر من التقدم للأمام، والمؤسف أننا ننفق مليارات على تطوير المناهج، وطباعتها في زمن مختلف، وعالم يستخدم التقنية، إضافة إلى ذلك أننا ما فكرنا -قط - في المعلم والمعلمة الذين هم أهم أدوات النمو في العملية التعليمية، والذي أراه أنه آن لنا أن نعيش المرحلة، ونستوعب أن اليوم يختلف بكثير عن الأمس؛ لأنه ببساطة أصبحت "الثانية" مؤثرة، واللحظة أكثر تأثيرًا من اللحظة التي تسبقها، والعالم أصبح يهمه أن يجد الإنسان العناية أولاً، لكي يستطيع أن يُحقِّق للوطن من خلال ذاته المحبة؛ منجزات وطنية هامة جدًّا، ومؤثرة جدًّا!! * (خاتمة الهمزة).. الكتابة عن التعليم في زاوية ضيقة هي مجرد محاولة لإثارة أهم العوائق، ما أتمناه من سمو الوزير هو زيارة مدرستين فقط في جنوبجدة أحدهما هي (مدرسة بدر الابتدائية للبنين)، والأخرى هي (المتوسطة الخامسة للبنات).. ولتكن الزيارة مفاجئة!! وهي خاتمتي.. ودمتم.