أكد الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن العثمان مدير جامعة الملك سعود عضو الهيئة الإشرافية العليا للمؤتمر بمناسبة المؤتمر العالمي حول ظاهرة التكفير، أن المتأمل لواقع الإسلام والمسلمين اليوم يرى الخطر الذي يواجهونه من أنفسهم أشد من الخطر الذي يواجهونه من عدوهم؛ وذلك بسبب الانحرافات الفكرية في فهم الإسلام وتأويل نصوصه، الأمر الذي أدى إلى انشغال بعضهم ببعض، واستعداء بعضهم بعضًا إلى درجة التكفير والحكم بالخروج من الملة، بل تجاوز ذلك إلى حد الاعتداء والإقدام على القتل، واضاف: الحقيقة أن المسلمين في عصور الإسلام الأولى أيام نقاوة الفكر وسلامة الصدور لم يكونوا يرون أنفسهم إلا إخوة متحابين، وهو ما عبر عنه القرآن الكريم بقوله: (إنما المؤمنون إخوة)، إلا أن هذا المبدأ أصابه خلل كبير فصار المسلم يعتدي على أخيه المسلم لا قاصدًا الاعتداء المجرد، بل متأولًا خروجه عن جادة الحق، متوهمًا استحقاقه للاعتداء لكونه في نظره كافرًا، وهذه الظاهرة وهي ظاهرة التكفير هي أشد ما يهدد الإسلام من الداخل، ويؤذن باهتزاز أركانه وتصدع أرضيته، في الوقت الذي يحتاج فيه الإسلام اليوم إلى الوحدة والتماسك ليكونوا صفًا واحدًا في مواجهة عدوهم والدفاع عن قضاياهم. ولقد دعا الإسلام في نصوصه وتعاليمه إلى إحسان معاملة الآخر، وتغليب حسن الظن في تفسير سلوك الناس وفهم أقوالهم، حتى إن مبادئ الإسلام في معاملة غير المسلم مبادئ سامية تضمن له حريته وتحرم الاعتداء عليه إذا لم يكن محاربًا، وتمنع المساس به أو بممتلكاته، فإذا كان هذا هو منهج الإسلام في معاملة غير المسلم فإن منهجه في معاملة المسلم لأخيه المسلم أكثر تأكيدًا وتنوُّعًا، ولعل أبرزها فيما نحن بصدد الحديث عنه هي الدعوة إلى التماسك ووحدة الصف والتآخي ونبذ الفرقة، إلا أن هذه المبادئ السامية غير متحققة بصورة كاملة لأسباب متعددة منها التكفير الذي وجد له أعشاشًا حاضنة في عقولٍ منحرفة حوَّلت الوحدة إلى فرقة، والتآخي إلى عداوة.