إن ما يسمى دولة إسرائيل في العرف الغربي، هي دولة تدعي أنها يهودية، ولكنها حتماً لا تنتمي إلى اليهود من الناحية العرقية، واليهود لا عرق لهم، وكل أبناء اليهوديات يعتبرون يهودًا في عرفهم الديني، ولو كانوا لقطاء العالم أجمع، والقومية في مثل حالهم تأبى أن تتحقق، فهم شذاذ الآفاق جمعتهم اكذوبة تزعم أن فلسطين وطن تاريخي لهم، وهو لم يكن قط وطنًا لهم على مرّ الزمان، بل هم قد نشأوا في اصقاع متفرقة من الدنيا، وليسوا هم إخوة دين، وجلهم لا يؤمن به، وإنما يبحثون عن مبرر وجود، ولعل وجوده حينا في دين ادعوا أنه دينهم، وحتى الصهيونية التي جمعت جمهورهم في هذا العصر، إنما هي جماعة سرية أصبحت الوجه الوحيد لما يجمعهم على أرض فلسطين، فالمدعون الانتماء الى اليهودية ظلوا على مر الزمان مشردين في أصقاع الأرض.. لخصائص لم يستطيعوا التخلص منها، وكانوا وراء حركات في العالم تظهر وتدمر، ثم تباد بسرعة، وعاشت شراذم منهم بين العرب في اوطانهم دون خوف، وعوملوا معاملة لم يجدوها في أي مكان في العالم وجدوا فيه على مرِّ الزمان إلا في ظل العرب وحكوماتهم، اكتست هذه المعاملة ثوب التسامح من قبل العرب، رغم أن اليهود لا يعرفون التسامح، ولما كشروا عن أنيابهم واحتلوا بمعونة من الغرب فلسطين والذي أراد التخلص من اليهود فقذف بهم إلى أرض فلسطين، والتي ادعى اليهود أنها أرض فرغت من السكان وأنهم شعب لا يجد أرضا لتكون له وطنًا، وهي من سلسلة افتراءاتهم التي لا يكفون عن بثها أبداً، ولم يكن للعرب أن يصدقوا دولة صهيون هذه مهما بذلت من جهد لإقناعهم بصدق ما تقول، فالصهاينة هم اعداؤهم منذ وجدت هذه الحركة في الغرب، وهم يعتبرون تحرير أرضهم من براثنها قضيتهم الأولى والأهم، ولكنهم وللأسف دوما يتراشقون التهم، ومصدرها في كل حين أخبار تنشرها صحف هذه الدولة المعتدية، أو أقوال لساستها، فما اختلف العرب إلا ورمى بهم بعضا بالتهم يستقونها من أقوال صهاينة، سواء أكان ذلك منشوراً في صحفهم أو متسربًا عن طريق أجهزتهم الاستخبارية، أو يردده ساستهم، ففي لبنان طرفا الاختلاف فيما أسموه موالاة ومعارضة، مادتهم الأولى للتراشق بالتهم إنما يأتي عبر هذا الطريق، والدول العربية مادة الافتراق بينها في الغالب هو ما يرد عبر هذا الطريق أيضا، فالصهاينة ومن يدعمونهم إذا أرادوا أن يشعلوا بين العرب فتنة لا تخمد نيرانها بسهولة، حاولوا إظهار أنهم يقفون مع طرف منهم ضد الآخر، وهم في الواقع أعداء للطرفين، ولكنهم يشغلونهم ببعضهم، ليصرفوهم عن الاتفاق على خطة لتحرير أرض مقدساتهم في فلسطين، من براثن عدو شرس يرعاه الغرب منذ نشوئه وحتى اليوم، وهو يتميز ولا شك بذكاء مدمر، ووثائق ويكليكس هي الأخرى بدعة غربية صهيونية، ترمي في ساحة العرب مادة رديئة لتهم متبادلة ينشغلون بها عن أهم قضاياهم، سواء أكان الأمر يخص اصلاح شؤون أوطان العرب، التي فتك بها الاستبداد والفساد، أم تحرير أراضهيم المستعمرة من قبل شذاذ الآفاق في فلسطين، وها نحن اليوم نعيش فترة التهم المتبادلة بين النظم والأحزاب والتيارات عبر هذه الوثائق المدعى تسريبها الى الإعلام عبر موقع الكتروني، إنها صناعة خطرة لم تعد خفية، لا يغفل عنها إلا الأغبياء، ولكن بني قومي العرب وللأسف لم يدركوا بعد أنها لعبة هم المقصودون بها دون غيرهم، بل وإن حركة التغيير التي تجتاح بعض أقطارنا العربية أصبحت مادة يسهل معها أن يصنع العداء لا بين الأنظمة السياسية والحكومات التنفيذية فقط، بل وبين الشعوب، والقادم أشد خطورة حينما ينتقل العداء إلى الشعوب، والذي نرجو ألا يحدث، ولدينا في بعض صحفنا ووسائل إعلامنا العربية من يشبعون لطما في كل قضية اختلاف بين طرفين من العرب تثار اليوم، يوقدون لها ناراً لا تنطفئ إلا بعد أن تكون خسائرها لا تحتمل، ونقرأ لهؤلاء عند كل حادثة عارضة تقع من التحليلات ما يثير أشد ألوان الاختلاف السياسي ضراوة، مما يبنى على أسس من التهم البشعة من تخوين وزعم بالتفريط في حقوق الأمة، مستمدين ما يقولون من رؤى تبثها وسائل إعلام صهيونية وغربية، فإلى متى يخدع العرب بما يسرب إليهم عبر هذا الطريق، الذي ابتدعته الصهيونية بمعونة غربية واضحة، إن الكثيرين في أوطاننا العربية يتناسون قضايا أوطانهم الملحة في إصلاح أوضاع تردت وضاعت معها كل الحقوق، وانشغلوا بمثل هذه الخلافات التي تثيرها هذه الوسائل التي تصنعها وتصدرها إلينا لتشغلنا بها عن كل مهم لبناء مستقبل أوطاننا، الذي يحتاج منا إلى عظيم الجهد مع الإخلاص، وأن ننصرف إليه بكليتنا لنستطيع بذلك خدمة قضايانا الكبرى وعلى رأسها قضية فلسطين، لا بمجرد تبادل لتهم يصنعها العدو ويرمي بها ساحتنا السياسية فنلتقطها بغباء لتدمر مستقبلنا فهل تفطنَّا لهذا ولم ننسق مع ما يريد ان يشغلنا به، هو ما أرجو والله ولي التوفيق.