قتل ثلاثة اشخاص في المواجهات التي وقعت ليل الجمعة السبت بين الشرطة والمتظاهرين في محيط السفارة الاسرائيلية في القاهرة اضافة الى شخص رابع كان توفي اثر اصابته بأزمة قلبية مساء الجمعة، بحسب مصادر طبية في ثلاثة مستشفيات. وافادت هذه المصادر ان جثث القتلى الثلاث موجودة في مستشفيات أم المصريين والعجوزة والمنيرة (في القاهرة) من دون ان توضح طبيعة الاصابات التي أدت الى مقتل الاشخاص الثلاثة، وقالت مصادر طبية وامنية ان عدد المصابين من جراء المواجهات العنيفة التي استمرت طوال الليل تجاوز الألف شخص من بينهم قرابة 300 شرطي، وألقت الشرطة العسكرية القبض على 19 شخصا وأحيلوا الى النيابة العسكرية التي بدأت التحقيق معهم، وفق مصادر امنية رسمية. وكان متظاهرون توجهوا الى السفارة الاسرائيلية مساء الجمعة، بعد ان شاركوا في تظاهرات حاشدة في ميدان التحرير تدعو الى مزيد الاصلاحات السياسية، وقاموا بتحطيم جدار اسمنتي ارتفاعه مترين ونصف المتر كانت السلطات اقامته خلال الايام الاخيرة امام البناية التي يقع فيها مبنى السفارة الاسرائيلية ثم اقتحموا السفارة التي تشغل مكاتبها الادوار الثلاثة الاخيرة من البناية. ونقلت وكالة انباء الشرق الاوسط عن شهود عيان قولهم ان المتظاهرين اقتحموا غرفة مخصصة للارشيف الدبلوماسي. وقام المتظاهرون الذين اقتحموا السفارة برمي وثائق «سرية» من احد مكاتبها الواقع في اعلى مبنى مؤلف من عشرين طابقا. وكتب بعض هذه الوثائق باللغة العربية لكنه يحمل اختاما دبلوماسية اسرائيلية وبدا واضحا انها برقيات من موظفين اسرائيليين الى نظرائهم المصريين، وعقب الاقتحام استمرت الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين وازدادت عنفا. وانتشرت بكثافة صباح امس مدرعات الجيش وسيارات نقل الجند التابعة لقوات مكافحة الشغب في محيط السفارة الاسرائيلية ومديرية امن الجيزة المجاورة وكانت شوارع هذه المنطقة مليئة ببقايا الزجاج المهشم والحجارة التي استخدمت في المواجهات. وغادر السفير الاسرائيلي في مصر اسحق ليفانون فجر امس عائدا الى اسرائيل على متن طائرة اقلعت من القاهرة عقب اقتحام مبنى السفارة. وفي القدس، اعلن مسؤول حكومي اسرائيلي رفيع المستوى السبت ان المسؤول الثاني في السفارة الاسرائيلية بمصر سيتابع مهامه في القاهرة على رغم الهجوم على مبنى السفارة موضحا ان وحدات خاصة مصرية انقذت ستة اسرائيليين كانوا في مقر السفارة عند اقتحامها. وقال هذا المسؤول طالبا عدم الكشف عن هويته، «سنبقي في القاهرة مساعد السفير لمتابعة الاتصالات مع الحكومة المصرية». ووصف الحادث بأنه «ضربة مؤلمة للسلام بيننا وانتهاك خطير للمعايير الدبلوماسية». واضاف: «كان ستة اشخاص عالقين في السفارة وكان ثمة قلق حقيقي على حياتهم. واخيرا انقذتهم وحدات خاصة مصرية». وذكرت الاذاعة العامة الاسرائيلية انهم موظفون امنيون في السفارة وقد عادوا الى اسرائيل، وتابع هذا المسؤول الحكومي الاسرائيلي «عندما خرجت اعمال العنف عن السيطرة، تم اجلاء 80 اسرائيليا. وجميع عناصر طاقمنا سالمون». وأعلنت وزارة الداخلية المصرية حالة الاستنفار بين قواتها وقررت الغاء جميع عطلات افراد الشرطة للسيطرة على الامن، ودعا رئيس الوزراء المصري عصام شرف الى اجتماع لمجموعة الازمات في حكومته لبحث «التطورات على الساحة الداخلية» عقب اقتحام المتظاهرين لمبنى السفارة الاسرائيلية. وقالت صحيفة الاهرام الحكومية على بواباتها الالكترونية صباح السبت ان حكومة شرف تعتزم تقديم استقالتها، ونقلت الاهرام عن «مصدر مطلع» ان «هناك نية مؤكدة على تقديم استقالة الحكومة، بعد فشلها في احتواء تداعيات جمعة تصحيح المسار». وعبر الرئيس الامريكي باراك اوباما مساء السبت عن «قلقه الشديد» لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو وطلب من السلطات المصرية حماية السفارة الاسرائيلية كما اعلن البيت الابيض. وجاء في بيان للرئاسة الامريكية ان اوباما «استعرض الاجراءات التي تتخذها الولاياتالمتحدة على جميع المستويات للمساعدة على ايجاد حل لهذا الوضع بدون عنف اضافي كما دعا الحكومة المصرية الى الوفاء بالتزاماتها الدولية لناحية تأمين حماية السفارة الاسرائيلية». وكانت التظاهرة امام السفارة الاسرائيلية اعقبت تجمعًا لآلاف الاشخاص في ميدان التحرير بوسط القاهرة في تظاهرة حاشدة للمطالبة بتطبيق مزيد من الاصلاحات والديمقراطية بعد سبعة اشهر على سقوط نظام الرئيس حسني مبارك وتسلم الجيش مقاليد الحكم. وتجتاز العلاقات بين مصر واسرائيل مرحلة حساسة بعد مقتل خمسة من رجال الشرطة المصريين في الثامن عشر من اغسطس بينما كانت القوات الاسرائيلية تلاحق اشخاصًا تتهمهم بارتكاب هجمات على اسرائيليين في ايلات في جنوب اسرائيل قرب الحدود مع مصر. من جهته وصف رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس اقتحام سفارة بلاده في مصر بأنه حادث خطير ، مطالبًا باتخاذ موقف حازم بشأنه، وأكد رئيس الوزراء الاسرائيلي في تصريحات نقلتها الاذاعة الاسرائيلية» أنه لا يجوز أن تمرّ مصر مرّ الكرام على هذا المساس الخطير بنسيج العلاقات السلمية مع إسرائيل والانتهاك السافر للأعراف الدولية». غير أنه أشار إلى أن السلطات المصرية اتخذت في نهاية الأمر الخطوات اللازمة لإنقاذ حراس السفارة مما يستحق الشكر والتقدير، وقال نتنياهو في تصريحات نقلتها وسائل الاعلام الاسرائيلية امس: «ان الوضع كان يمكن ان يكون أسوأ من ذلك لوكان المقتحمون قد تمكنوا من فتح الباب الاخير والحقوا أذى بأعضاء سفارتنا». واضاف: « إنني سعيد لأننا تمكنّا من منع وقوع كارثة و أود ان نشكر الرئيس الامريكي باراك اوباما على مساعدته . أود ايضا أن أهنئ كل مسؤولى المخابرات الذين ساعدوا في عملية الانقاذ على عملهم الممتاز». وذكرت الاذاعة الاسرائيلية انه تم إجلاء عائلات السلك الدبلوماسي الاسرائيلي من مصر واعادتهم الى اسرائيل، وكان السفير الاسرائيلي قد غادر القاهرة في ساعة مبكرة من صباح امس متوجها إلي تل أبيب بعد استدعاء حكومته له بعد تداعيات محاولة اقتحام مقر السفارة الإسرائيلية بالقاهرة. وصرحت مصادر مسؤولة بمطار القاهرة إن السفير و71 إسرائيليا من طاقم السفارة وأسرهم وبعض رعايا إسرائيل لدى مصر غادروا علي طائرة عسكرية خاصة وصلت من تل أبيب، وكان السفير وأعضاء الجالية قد توجهوا إلى مطار القاهرة قبل ساعتين من وصول الطائرة وسط إجراءات أمنية مشددة بعد التطورات الأخيرة من محاولة اقتحام مقر السفارة الإسرائيلية. وكانت إسرائيل قد استدعت سفيرها بالقاهرة احتجاجا علي ما حدث في مقر سفارتها ويذكر أن السفير الإسرائيلي قد عاد إلى مصر الأسبوع الماضي بعد أجازها قضاها في إسرائيل. من جانبها وصفت تسيبي ليفني زعيمة حزب كاديما الإسرائيلي المعارض أمس اقتحام سفارة بلادها في مصر بأنه حادث خطير في العلاقات بين الدولتين، غير انها اكدت ان « السلام مع بين اسرائيل ومصر مصلحة استراتيجية لكلتا الدولتين ويجب الحفاظ عليه رغم المظاهرات في الشوارع» ، وذلك حسبما ذكرت صحيفة «يديعوت احرونوت « في موقعها الالكتروني أمس. وفي ذات السياق غادرت طائرة عسكرية إسرائيلية خاصة تقل ستة من أفراد أمن السفارة الإسرائيلية في مصر مطار القاهرة صباح أمس، بعد إخفاقهم في اللحاق بطائرة السفير التي أقلعت فجر أمس. وصرحت مصادر مسؤولة بالمطار بأن «الستة كانوا من طاقم أمن السفارة حيث فشلوا في الخروج منها للتوجه إلي المطار والسفر علي الطائرة التي نقلت السفير و71 إسرائيليا حيث قام رجال الشرطة والقوات المسلحة المصرية بتأمين خروج الستة من مقر السفارة وهم في حالة جيدة ثم التوجه إلى المطار بحراسة مدرعتين إلي صالة كبار الزوار والمغادرة على طائرة عسكرية خاصة صغيرة الحجم إلى تل أبيب».