عندما يتحدث الطفل في مجلس والده بحضرة مجموعة من الضيوف يُواجه بكلمة (عيب).. عندما يجادل الطفل أخوه الأكبر منه سنًا حتى لو كان هو صاحب الحقيقة يُواجه بكلمة (عيب).. عندما يتسوق الطفل ليأخذ قميصًا أعجبه يُواجه بكلمة (عيب).. عندما يسأل شخص ما سؤال عابر، ويرد عليه الطفل ببراءة بحضرة أخوه الكبير يُواجه بكلمة (عيب).. عندما يُسأل الطفل في أي مرحلة تدرس، ويُجيب لكنه يتوسع بالإجابة ليبدي وجهة نظره في شيء يشعر بصعوبته يُصطدم بكلمة (عيب).. عندما يلاطف الطفل والده بكلمه يبدو في ظاهرها أنها مداعبة يُواجه بكلمة (عيب).. عندما وعندما...... هذا هو حال الأطفال داخل أغلب الأسر من حيث التهميش. والأدهى من ذلك أنه يعتبر هذا من أصول التربية الصحيحة، فإذا حضر الأب ومعه مجموعة من الأطفال لا يتكلمون ولو بحرف واحد قيل عنه، إنه علم من أعلام التربية فيعجبه تمجيد من هم على شاكلته ولا يعلم ذلك الأب أنه قتل أغلب مواهب الابن بذلك التصرف الأرعن، لكن من يدفع ضريبة ذلك هو الابن بسبب فقده ثقته بنفسه وما يترتب عليها من أمراض ربما تدمر مستقبله كالرهاب الاجتماعي، وعدم التحدث أمام الآخرين، والخجل الزائد من مواجهة أي موقف وتجنب المقابلات الشخصية، (ولو قلت له تحدّث عن نفسك لم يستطع)، فيصبح بذلك كائنًا سلبيًّا من الممكن أن يتحطم مستقبله، حتى لو كان طفلاً مميزًا، هذه الظاهرة ربما تمتد إلى المدرسة، ويدعمها معلمون لم تكن لديهم أبجديات التربية. فلو قال الطفل لمعلمه: (علمتني أمي هذا التمرين)، أو قال: (نسيت أن تضع النقطة فوق حرف النون) لأجابه المعلم كيف تقول هذا؟! (عيب عليك)، فيترك الطفل كلامه حتى لو كان صحيحًا ويعتبره من (العيب). نحن هنا لا نطالب بترك الحبل على الغارب للطفل، فيفعل ما يشاء ويقول ما يريد، لكن المهم لدينا هو زرع الثقة في نفس الطفل حتى يشعر أنه كائن له آراؤه الخاصة به.. ودمتم سالمين.