الإرشاد والتوجيه الديني ظاهرة حديثة، يرتبط وجودها بالسفر والتنقل بين المشاعر الدينية، وتُعنى بتنظيم وإدارة المواسم الدينية، ومرافقة ورعاية الزوار والمعتمرين والحجاج منذ وصولهم للحرمين الشريفين حتى مغادرتهم، وتنظيم وتسهيل تنقلهم ومساعدتهم على ممارسة الأنماط والأنشطة الدينية المحددة في برامجهم، كزيارة غار حراء في مكة، أو مسجد قباء والبقيع في المدينةالمنورة، مع توفير كافة المعلومات التوضيحية اللازمة، والكتيبات والخرائط للأبواب الخارجية والداخلية، وكيفية الوصول للسلالم الكهربائية والطرق والأنفاق المحيطة بالحرمين الشريفين. ويلعب المرشد الديني الناجح دورًا هامًّا في الدعاية والترويج المباشر للمعالم والمشاعرالدينية، ويحقق ذلك من خلال المعلومات التي يزودها للزائرين والحجاج، وقدرته على إظهار أهمية وجمال وتنوع المشاعر الدينية من خلال كسب ثقتهم، والتعامل معهم بطريقة ترضيهم. ويعتبر المرشد الموجه والدليل، وعليه تقع مسؤولية تقديم صورة إيجابية عن وطنه (بلاد الحرمين الشريفين)، كما أنه المصدر الذي يزود الزائرين والحجاج بالمعلومات التي يحتاجونها عن المناطق والمعالم الدينية التي يشاهدونها، وينقل لهم صورة جيدة عن العادات والتقاليد الإيجابية، والحياة الاجتماعية التي يعيشها السكان المحليون. ولا يحق للفرد أن يكون مرشدًا دينيًّا إلاَّ إذا كان حاصلاً على رخصة مزاولة مهنة الإرشاد الديني، وتمنح هذه الرخصة الجهة الرسمية المخولة بذلك، وهي الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي. إن مزاولة مهنة الإرشاد الديني ليست بالمهمة السهلة، وبقدر المتعة الكبيرة التي توفرها هذه المهنة للمرشد، والمشاعر الفياضة، والرغبة في الحصول على الأجر والمثوبة من الله العزيز القدير، بقدر ما تجعله غالبًا يواجه صعوبات وعراقيل ومتاعب كبيرة، ومع أنه يستمتع باكتساب صداقات وبناء علاقات جديدة مع الزوّار الذين يتعرف على بعض من ثقافاتهم وتقاليدهم، إلاَّ أنه يجد نفسه عاطلاً عن العمل في بعض الأحيان، فتأدية الفروض والسياحة الدينية لها مواسم موسمية محددة. إن الحاجة والغاية من إنشاء مكاتب الإرشاد والتوجيه الديني في الساحات المحيطة بالحرمين الشريفين لتتولى الإشراف على السلوكيات العامة للزوار والحجاج، وتقديم النصح والتوجيه لهم والإجابة عن استفساراتهم عن طريق العاملين (المرشدين والمرشدات)، ولتكون مصدر معلومات واستشارة تقدم للزائر والحاج بواسطة الهاتف الإرشادي أو أي وسيلة أخرى. كما تبرز دورها من خلال توزيع الكتيبات والخرائط والمراجع المتاحة، وتولي مهام الإشراف على السلوكيات العامة للزوار والحجاج وإرشادهم إسلاميًّا في جميع النواحي النفسية والأخلاقية والاجتماعية والتربوية والمهنية. وتهدف مكاتب الإرشاد والتوجيه نحو تعزيز الاتجاه المهني والعلمي لدى العاملين، وتنفيذ الخدمات والبرامج الإرشادية بأسلوب يعتمد على المفاهيم المهنية الصحيحة للتوجيه والإرشاد في ميادينه المختلفة، وخصوصًا في مجال رعاية السلوك، مع تدعيم تبادل الخبرات المهنية والعملية في الميدان بما يثري العمل الميداني، ويسهم بشكل فاعل في تنميته وتطويره، كذلك الارتقاء بمستوى أداء العاملين في الساحات من خلال التطبيق العملي للمثل والقدوة، وتوسيع دائرة التميز بين المرشدين وفقًا لأفضل الطرق والأساليب الإرشادية الممكنة بما يتوافق وإستراتيجيات التوجيه والإرشاد الديني. وأخيرًا بحث مشكلات ضيوف الرحمن، والعمل على إيجاد الحلول المناسبة لها بالتعاون مع الجهات المختصة، ليغتبطوا بزياراتهم، ويسعدوا بتأدية نسكهم ليحيوا حياة مطمئنة راضية بإذن الله تعالى، وليشهدوا منافع لهم، ويذكروا اسم الله في أيام معلومات.