بعد أن مات عائلهم وتلاشى معه الأمل، وتوقفت حركة الزحف الوسيلة الوحيدة للانتقال من حجرة لأخرى، باتت لغة الدموع هي وسيلة الاتصال بين الأم المريضة والكبيرة في السن وثلاث من بناتها المعاقات إعاقة كاملة. وكانت والدتهن أم خالد طيلة 27 عامًا ماضية تقوم بخدمتهن بكل ما أوتيت من قوة، لم تجزع حتى بعد أن توفي والدهن وزاد الإصرار على الصبر على هذا الابتلاء الذي أقعدهن وأصبحن سجينات الإعاقة تقول أم خالد: لم أفكر في يوم من الأيام أنني سأتعب او امل من خدمة فلذات كبدي ولكن أجبرني كبر سني ومرضي على ذلك، بعدما تقدم بي العمر وتحولت قوتي إلى ضعف وانكسر كبريائي وتحولت أنا معهن إلى ضعيفة لا أستطيع مواجهة بعض المواقف سوى بالحسرة والدموع رغم اني عشت حياة قاسية لم اعرف خلالها الطريق سوى إلى الصيدليات والمستشفيات. وتساءلت: كيف أغادر إلى سوق او متنزه واترك خلفي ثلاث معاقات لا حول لهن ولا قوة الأولى ولدت معها الإعاقة والأخريات داهمتهن الإعاقة في المرحلة المتوسطة مما يزيد ألمهن ومعاناتهن عندما يتذكرن زميلاتهن، فكم من مرة أفتش عنهن غطاء النوم وأجد الدموع قد انهمرت على أجسادهن التي أنحلتها الإعاقة واسألهن وتكون الإجابة بلغة الإشارة ذكريات ماضية ووالدهن الذى انتقل إلى جوار ربه قبل أكثر من أربع وعشرين عاما وأوصاني قبل رحيله بان أحافظ على الأمانة كأنه يودعهن ويعلم مصيرهن اذ توفي في حادث على طريق المهد أثناء تأديته لعمله. وتضيف ام خالد: لم اشعر في يوم أنهن عالة علي إلا أنني أحسست الآن بأنني أنا العالة عليهن حيث لم يعد في استطاعتي أن أطهو لهن الطعام او اضع الطعام في أفواههن لأنهن لا يستطعن أحيانا مضغه فكيف بقضاء حوائجهن الخاصة. كما لم اعد استطيع حملهن وتحريكهن من مكان إلى آخر لأنني بحاجة لمن يرعاني ويقوم أحيانا بتحريكي، ولم أتخيل في يوم أنني سأكون الرابعة إلا بعد أن داهمني السكري والضغط وانظر لمن حولي ليقوم بمساعدتي، ولكن هذه حال الدنيا وأنا راضية بما قسمه لي الله. واضافت أن ما دعاني لإظهار معاناتنا تأزم الوضع وازدياد الأمر سوءًا وقد خشيت على الأنفس التي تعد أمانة في رقبتي الضعيفة ونحن لا نسأل الناس ونستجديهم بل مطالبنا تتلخص في توفير احتياجاتنا الضرورية حيث الإعانة لم تعد تكفينا والتنقل للمستشفيات بات أمرًا في غاية الصعوبة. واضافت: اسكن في عمارة في الطابق الثاني واحتاج إلى مصعد وكذلك لخادمتين وممرضة لكي تتابع معهن العلاج وسبق أن تقدمنا قبل 15 سنة على سيارة إعاقة إلا أننا لم نحصل عليها ونحن في أمس الحاجة إليها.