قال الضَمِير المُتَكَلّم : في آخر أسبوعٍ من الدوام الرسمي في رمضان القريب ، قَدّر الله عَلَي مراجعة ( كتابة العَدل في جدّة ) !! حضرت قبل التاسعة طمعاً في الإنجاز المبكر لمهمتي !! هناك مجموعة قَد سبقتني تقبع عند أعتاب الباب !! وقد بادروا بتسجيل أسمائهم وفق حضورهم ، في ورقة يريدون تسليمها للمكتب المختص لِحِفْظ الدّور ، وحَقّ مَن جاؤوا مبكرين !! أعجبتني هذه الممارسة الحَضَارية !! ازداد الحضور فقد وصل للمائة ، وهم يُعانون تبعات الصوم من إرهاق وعَطش ؛ ومع ذلك ينتظرون تحت لهيب الشمس !! عند العاشرة وخمس دقائق جاء المسئول عن فتح البوابة !! حاول الحضور إعطاءه الورقة التي تَرسم مَسَار الدّور !! لكنه بسخرية وعنجهية رفضها ، آمِرَاً الجميع بالانصياع لأوامره وأن يقفوا طابوراً !! كرّروا المحاولة ، جربوا إقناعه ، لكنه أصر على أوامره !! فما كان منهم إلا اقتحام الباب ، والدخول لِتَعمّ الفوضى ويحصل الهرج والمرج !! هذا مشْهَد يؤكد أن طائفة من أفراد المجتمع تُمارس النظام والانتظام ؛ ولكن رجال بعض المؤسسات الحكومية التي تتعامل مع الجمهور مازالوا عاجزين عن تطوير أدواتهم !! مشهد آخَر ميدانه الاتصالات الإدارية : موظفان شابان حضرا مبكرين ، استقبلا المراجعين الذين كانت وجهتهم مكتبا لم يحضر صاحبه !! الساعة تقترب من الحادية عشرة ، وسعادته لم يأتِ !! توجّه بعض المراجعين لمديره يطلبون نجدته ، وأن يقوم زملاؤه بمهمته في إنجاز معاملاتهم !! اعتذر بأنه هو المختص ، ولا يستطيع الدخول على الحاسب إلا هو !! عند الساعة الحادية عشرة والربع جاء ( معاليه ) ، وهذا موعد حضوره كما أشار بعض الحاضرين !! شاب ( طويل القامة قصير الثوب ، كثيف اللحية ، جاف الملامح ) وأنا هنا يشهد الله لا أسخر ، ولكني أصف واقعاً !! بدأ باستقبال المراجعين ، وكان زملاؤه في المكتب قد منحوهم الأرقام التي ترتبهم في انتظار تشريفه !! كان يتعامل مع المواطنين بكبرياء ، ودون أن يبذل الجهد في قضاء حوائجهم !! أحدهم : أنا قدمت في سفر أرجوك أنجز معاملتي ، فردّ بصوت مرتفع : وما شأني ؟! فما كان من ذلك المسكين إلا أن صمت ملتهماً غضبه !! وصدقوني أغلب المراجعين قام بتصريفهم ، ليخرجوا متضجرين !! وهذا المشهد لا يعني أن مَن لا يلبسون ذلك المظهر لا يخطئون !! ولكن ( مَن يظهر عليهم الالتزام الديني هم القدوة ، في محافظتهم على دوامهم ، وهم القدوة في أخلاقهم ، وحسن تعاملهم مع عباد الله ،وبذل المجهود في مساعدتهم ،،، ولكن !!! وأخيراً مَن المسئول عن تكريس أن الدين فقط مَظْهَر « لِحْيَة ، وثَوب قصير ، ومِسْواك ، وشماغ دون عِقَال ) ؛ مع أنّ الدين جوهر يظهر تأثيره على التعامل ثمّ المظهر !! ويبقى يا هَذا صَلاتك لك ، صَومك لك ,حَجّك لك ، لِحْيَتك لك ، ثَوبك لك ، مِسْوَاكك لك ؛ في كل ذلك عَظّم الله أجرك !! لكن ما يهمنا هو تعاملك ؛ فالدّين المعاملة !! نسيت أن أذكر لكم رجعت لذلك الرجل ؛ فوجدته بعد أن صَرَف المراجعين هنا وهناك يقرأ القران الكريم !!ألقاكم بخير والضمائر متكلمة .