اتهم متسوقون التقتهم «المدينة» في عدد من أسواق الملابس الجاهزة السيدات بالوقوف خلف ظاهرة التسوق في اللحظات الأخيرة لشراء لوازم العيد، فيما يرى آخرون أن العادة هي السبب الحقيقي. وبالرغم من تعدد الآراء حول أسباب هذه الظاهرة، إلا أن ارتفاع الأسعار في شهر رمضان قبيل عيد الفطر عنها في باقي أيام العام، هو ما اتفق عليه الجميع. ظاهرة اللحظة الأخيرة حسين اليامي (أحد المتسوقين) قال بنبرة شاكية: «قبل رمضان وخلاله وبعده الأسعار غالية». وأرجع هذا الغلاء إلى عدم وجود أي رقيب مما جعل التجار يرفعون الأسعار كما يشاؤون - بحسب تعبيره - وأكد أنه لا يرتبط في شرائه لحاجيات أهله بمواسم معينة، عازيا السبب إلى كراهيته الشديدة للزحام الذي هو سمة مواسم الأعياد والمناسبات الأخرى. ويعتقد اليامي أن الأمر يتعدى ظاهرة الشراء في اللحظات الأخيرة إلى ما هو أخطر، حيث يقول: «مجتمعنا يعاني من ظاهرة اللحظة الأخيرة في كل شيء»، ويضيف: «نحن نخطط للسفر في اللحظات الأخيرة قبيل موعده، وطلابنا يذاكرون في اللحظات الأخيرة قبيل الامتحانات...». السيدات السبب من جانبه يقول حسن عجاج ان السيدات هن السبب في حدوث هذه الظاهرة، ويضيف: «برغم امتلاء دواليب بناتي بالملابس الكثيرة، إلا أنهن يصررن على شراء أخرى جديدة مع كل عيد»، ويتابع: «ليس هناك أغلى عند الأب من بناته ولذلك لا أستطيع رفض طلباتهن رغم عدم اقتناعي بها». ويؤكد أن ظاهرة التسوق في رمضان من الممارسات الخاطئة، وأن المسلم يجب أن يركز على العبادة بدلا من تضييع وقته في الأسواق. أما نايف العتيبي فقد تفرد برأيه عن الظاهرة، إذ اتهم التجار بتعمد حدوثها عن سابق تصميم، حيث يقول: «التجار يخفون البضائع الجيدة في المستودعات، ولا يعرضونها إلا في رمضان، مما يزيد الطلب عليها وبالتالي يرفع الأسعار والأرباح التي يجنونها». الظاهرة عربية وإذا كان المتسوقون اتفقوا على ارتفاع أسعار السلع في رمضان فإن الباعة ينفون هذا الأمر، وها هو محمد كمال - مدير صالة في أحد المحلات الشهيرة للملابس يشدد على أن الأسعار لا تتغير نهائيا طوال العام، ويضيف: «لا نخفي الملابس المميزة في المستودعات لعرضها في رمضان طلبا لمزيد من الربح، بل هناك موديلات للملابس الجديدة تأتينا من الخارج كل 3 أشهر، وأحيانا ينتهي شهر رمضان دون عرض أي موديلات جديدة لتأخيرها في الميناء». ويرى كمال أن الظاهرة عربية بامتياز وليست خاصة ببلد دون آخر، مرجعا سببها إلى العادة وكذلك إلى رغبة بعض المتسوقين في الانتظار لآخر الوقت أملا في نزول موديلات جديدة أجمل. ويبدو أن الثورات العربية تركت أثرها حتى على أسواق الملابس، فكما يقول كمال فإن الإخوة العرب ممن تعرضت بلادهم لأحداث سياسية مع بداية هذا العام ولم تستقر الأوضاع في بلادهم إلى الآن، فضلوا البقاء في المملكة والاحتفال بالعيد بين أشقائهم حتى تستعيد الحياة هدوءها في بلادهم، وهذا الأمر ساهم - وفقا لرؤيته - في انتعاش حركة البيع بسوق الملابس. د. الحامد: المؤجلون لأعمالهم «فوضويون» وصف استشاري الطب النفسي الدكتور محمد الحامد الشخصية التي تؤجل العمل والفعل لآخر لحظة ب «الفوضوية»، مؤكدا أنه يوجد أكثر من سبب يقف خلف هذه الظاهرة منها التربية الخاطئة. وأشار إلى أنه يجب عدم إغفال دور الجينات في كثير من الظواهر الاجتماعية والنفسية، لكن يجب عدم اتخاذ الجينات ذريعة للتنصل من الأخطاء، بل يجب على الإنسان صاحب الشخصية الفوضوية التعلم من أخطائه الماضية وتلافيها في حاضره ومستقبله، مضيفا: «التنظيم والترتيب يتيح للإنسان الفوضوي اكتساب مغانم كثيرة، من خلال اقتناصه لمواسم التخفيضات طوال العام، وعدم الانتظار للحظة الأخيرة قبل المواسم حيث يضطر للشراء بأغلي الأسعار». ومن المفارقات الغريبة أن المبالغة في التنظيم قد تؤدي إلى ردة فعل عكسية، يقول د. الحامد: «خير الأمور الوسط، فوضع سقف عالي لدرجة التنظيم المطلوبة يقود إلى عكس المرجو»، ويضيف: «الانضباط الزائد عن اللزوم قد يخرج الأمور عن السيطرة وتكون نتيجته الفوضي العارمة». سياسات تسويقية ولا يعفي د. الحامد بعض التجار من مسؤولية الوقوف خلف ظاهرة شراء الملابس في اللحظات الأخيرة، قائلا: «التسويق لا يدفع بالأشياء الجيدة إلى الأسواق في المواسم إلا آخر الوقت لرفع الأسعار»، ويضيف: «الناس تقع ضحية لهذه السياسات التسويقية، خصوصا الشريحة الأكبر بالمجتمع من ذوي الدخل المحدود». وسبب آخر يضطر الكثير من الناس للانتظار لآخر الوقت لشراء ملابس العيد وهو قلة الدخل المادي، وكما يقول د. الحامد: «فإن أفراد الطبقة المتوسطة من الموظفين ينتظرون نزول الرواتب حتى يتمكنوا من شراء لوازم العيد». ولمواجهة جشع بعض التجار وخططهم التسويقية لحلب جيوب الناس يرى د. الحامد أن الحل بعمل ميزانية تكتب فيها المصاريف، ووضع خطة جيدة للشراء لا ترتبط بمواسم معينة حتى لا يكونوا «لقمة سائغة للتجار الكبار».