يُروى يا سادة يا كرام أنه في إحدى الغابات لم يكن يُسمع صوت للبلابل ليس لخلوها منهم، ولكن ملك الغابة لم تكن تعجبه الأنشودة التي لطالما أحبتها البلابل . كان يشعر بأن نشيد البلابل يؤرقه، و يقض مضجعه بل وشى له أحد أعوانه بأنها أنشودة تسخر من زئيره وأنه إن لم يقض عليها لن يكون ملكا للغابة بعد ذلك فقرر أن يمنع البلابل في الغابة من التغريد وأن من تسول له نفسه تغريد الأنشودة سيقطع حنجرته ويحطم العش على زوجته وصغاره. سكتت البلابل عن تغريد الأنشودة ولم تستطع أن تصارع الأسد ؛ فقد كانت العقوبة قاسية جداً وقد نفذها على البعض للعبرة. مرت الأعوام والغابة لا تُسمع فيها الأنشودة ، وتغيرت الأجيال ، وورث العرش شبل ابن الأسد ونسيت البلابل نشيدها المفضل فأنجبت أبناء لم يعرفوا الأنشودة فهي أن طارت تطير لجلب رزقها وإن وقفت على الشجرة فلا تفتح فمها إلا لإطعام صغارها. كبرت البلابل الصغيرة وأصبحت تحلق في أرجاء الغابة وخارجها . وفي يوم من الأيام الذي كانت تحلق فيه صغار البلابل بعيداً عن الغابة سمعت في إحدى الغابات أصواتا غريبة. اقتربت أكثر لتسمع بوضوح فأصابتها الدهشة والإعجاب لم تكن تعرف أن هذه الأصوات يمكن أن تصدر من البلابل فغابتهم عمها السكون الموحش منذ زمن طويل و آباؤهم لم يعلموهم هذه الأنشودة الني سمعوها الآن وحينما سألوا عنها قيل لهم أنها (أنشودة الحرية) رجع الصغار وهم يرددون الأنشودة وما إن سمع شبل الأنشودة حتى جُن جنونه وتذكر وصية أبيه له فهدد وتوعد بالقتل لهم لكن جيل البلابل الجديد عنيد يريد أن ينشد الأنشودة حتى لو كلفته حياته. ظلت البلابل تنشد وشبل يقتل فيهم هو وأعوانه ويدمر أعشاشهم ويقضي على صغارهم ما استطاع إلى ذلك سبيلا فسالت الدماء في الغابة كالنهر لكن البلابل أدركت جيداً أنها تدفع ثمن الأنشودة التي لطالما كان من حقها أن تنشدها. المعذرة يا سادة حاولت أن أُغلق كتاب الحكاية لكن أصوات البلابل لازالت تصدح بالأنشودة ودماؤها سالت حتى أغرقت الكتاب!! . هبة العبّادي - جدة