لو تلمّس المسلمون مواطن الضعف في ثقافات غيرهم -بدلًا من إكثار الكلام والخطب- لكانوا هم سادة الأرض. وقد فعل هذا محمد صلى الله عليه وسلم حين كان الإسلام غريبًا أكثر من غربته الآن، فقد كان صلى الله عليه وسلم يظهر احترامه لملوك كسرى وقيصر رغم كفرهم وكرههم لدخول الدين فيقول في رسائله لهم: من محمد رسول الله إلى قيصر الروم: «مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللهِ إلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ...». ويقول رسول الله كذلك في رسالته إلى كسرى فارس: «مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ إلَى كِسْرَى عَظِيمِ فَارِس..». فاحترام الآخرين مبدأ إسلامي علاوة على ذلك لم يكن محمد صلى الله عليه وسلم ولا صحابته من بعده شاهري السيف على بلاد إلا قبل أن يرسلوا سفيرًا أو يطالبوهم بالجزية دلالة على أن إراقة الدماء ونشر الفساد أمر مرفوض بالشريعة الإسلامية. تلك هي حقوق الإنسان التي لن تعرف البشرية أعظم منها، وما تقوم به أمريكا اليوم سياسة تختلف كثيرًا عن مثالية الدين الإسلامي لكنها ناجحة في كونها الأقوى. إضافة إلى ذلك، على المسلمين أن يركزوا على الإيجابيات بدلًا من السلبيات، فبدلا من إكثار الكلام على أفعال الدول الأخرى وحقدها على الإسلام حتى جعلنا غير المسلمين يظنون أن ديننا يحثنا على حرب الآخرين. نبادر بتقديم النماذج الإسلامية ممثلة في شخصياتنا وامتثال أوامر القرآن والسنة في تعاملاتنا أمر يجعلنا للكمال أقرب ونموذج يُحتذى. ويكفي على هذا دليل إسلام دول شرق آسيا بسبب حسن تعامل التجار المسلمين معهم. اليوم صارت طرق التواصل مع العالم الخارجي أكثر سهولة، ومتى أخذنا ما يهمنا من أمور دنيانا وربطناها بالدين وتعاليمه كنا كما وصفنا الله عز وجل: «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر»، وهنا تظهر خيرية هذه الأمة في أنها القائدة لكل خير والسبّاقة لنشر الوعي. والأمر بالمعروف يتطلب شخصية تفهم ما لها وما عليها والنهي عن المنكر يتطلب عقولًا واعية وأنفسًا تترفع عن دنايا الأمور وصغائرها. واسمحوا لي أن أشكر أمريكا، فقد قدمت لنا مثالًا على حسن التخطيط والاجتهاد من أجل تحقيق الأهداف وكانت قدوة حين غابت القدوات الأخرى. بل إنها أشركت أفراد شعبها في التخطيط نحو العالمية في حين انشغل أفراد بقية الشعوب بأنفسهم وبالحروب ضد رؤسائهم. وكلمة أوجهها لكل مسلم يتهم الآخرين دون أن يدين ذاته، فهو يقف موقف الضعيف، ولن يسمع أحد صوته. فبدلًا من توجيه أصابع اللوم لأمريكا تارة ولأوروبا تارة أخرى ابدأوا اليوم بتغيير أفكاركم والبداية من الأشخاص، فهم لَبِنات المجتمع قال تعالى: (إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم).. جعلنا الله ممن ينصرون دينه ويعلون شأنه. حنين محمد - جدة