د. صالح عواد المغامسي إمام وخطيب مسجد قباء، فارس اعتلى صهوة الخطابة بصوت يعرف الطريق للقلوب جيدًا ويشقه بسرعة البرق دون أن يبرح وقاره وسمته ودون أن يتكلف مشقة الضجيج، فكر يعي من أين تؤتى المنابر، وخطاب يمتلك كل أدوات الرسالة وأجمل الطرق لأدائها، بهدوء يسبق الريح نحو العقول والقلوب معًا وتحتشد للإنصات الرزين شعبية جارفة تفتقر بقوة للاسترخاء في رحاب جماليات الخطاب الديني التي قد يشوهها البعض بالصراخ والوصاية، تجتمع حوله ألباب متفاوتة المشارب والأعمار تنهل من معين فصاحته وتبكي لرقيق مشاعره وتجل كثيرًا هيبة سمته ورفعة تواضعه، ملأ الدنيا بثرائه وشغل الناس بالاستماع إليه غير مضطر للخوض في صراع التيارات وإثارة العناوين وتصدر الصفحات بالدعاية للذات أكثر من المنتج، فمنتجات المغامسي تسوق لنفسها بثبات الحق وجمال الإسلام واطمئنان اليقين، فما أحوج الخطاب الديني لفرادة المغامسي وما أشد حاجة متلقي الخطاب الديني لنموذجه، حيث يوغل في الدين برفق ويتعمق في السيرة بحب ويقبل على الاقتداء بقناعة وثبات، فهو بخطبه ودروسه يقدم للعامة العبر في المضمون ويقدم للخطباء الدرس في القوالب والبلاغة، فليت أن جيلًا من الخطباء يتخذونه مثلًا ليشكلوا نمطًا ساميًا من الخطابة الواعية، فيدعون للدين بالحكمة والموعظة الحسنة، والعلم العريض واللغة النقية.