حول المقال الذي أشرت إليه البارحة ، عقبت القارئة الكريمة ( مهتمة ) مقللة من شأن حركات المقاومة العربية بالمقارنة مع المقاومة الأفغانية التي تمكنت من طرد المحتل السوفييتي . وقد وقعت القارئة العزيزة في نفس الخطأ الذي وقع فيه القارئ أبو صابر الصابر ، حينما خلط بين الاحتلال والاستيطان . كما ان القارئة الكريمة لم تنتبه إلى أن الحرب الأفغانية كانت جزءا من الحرب الباردة ، ولم تفطن إلى حجم ونوع الدعم الذي تلقاه المقاتلون الأفغان المعارضون لحكم الحزب الشيوعي الأفغاني ومن ثم التدخل العسكري السوفييتي في البلاد ، من قبل الدول الغربية وفي مقدمتها أمريكا ، بالإضافة إلى ما تلقاه الأفغان من دعم من قبل معظم دول وشعوب العالم الإسلامي . القارئة الكريمة حملت حركات المقاومة في فلسطين ولبنان مسؤولية الدمار الذي لحق بكل من قطاع غزة وجنوب لبنان ، وكأن حركات المقاومة هي التي تستفز العدو الإسرائيلي ليشن حروبه ويستخدم الأسلحة المحرمة دوليا لقصف المدنيين العزل ! إسرائيل لم تكن بيوم من الأيام بحاجة إلى ذريعة لمهاجمة جيرانها بهدف احتلال المزيد من الأراضي أو السيطرة على بعض الموارد أو ترويض تلك البلاد بفرض اتفاقيات استسلام تضرب مفهوم السيادة الوطنية في مقتل . ولعل بنود اتفاقية كامب ديفيد التي تقلّص الجيش المصري بسببها إلى ما يقل عن ثلاثمائة ألف مقاتل من ضمنهم قوات الاحتياط ، هذا عدا نهب الغاز ، وعدم السماح للجيش المصري بالتواجد في سيناء إلا بأعداد رمزية ، ورهن مصر لمؤسسات الهيمنة الرأسمالية الكبرى كصندوق النقد الدولي ، هو اكبر دليل على استحالة تحقيق التعايش السلمي مع العدو الإسرائيلي. إن ظهور حركات المقاومة وحروبها مع العدو هو أمر طبيعي ومطلب شعبي ، وليس سببا في الحروب التي يشنها الكيان الإسرائيلي الذي لن يهدأ قبل إتمام إحتلال وضم كل ما يريده من أراض عربية ، بالإضافة إلى السيطرة على بعض الموارد وخصوصا موارد لبنان المائية . ويبقى هدف الصهاينة الأخير وهو السيطرة على الاقتصاد العربي والهيمنة على القرار السياسي لدوله . وهو ما يستلزم ضرب أية محاولة عربية للتنمية الحضارية والسياسية والاقتصادية. المقاومة هي آخر سلاح في يد العرب بعد عجز النظام الرسمي العربي عن مواجهة إسرائيل .