* ولا أكره عندي من أن أجد في المكان رجلاً واهياً أو ثرثاراً، لأنني أحلم في أن أجد من يملأ المكان بجدارة، ذلك لأننا في حاجة ماسة إلى المسؤول المخلص والمواطن الذي يعرف قيمة المواطنة وأهمية المواطن، المسؤول الذي يعرف أن وجوده في وظيفته ليس للترف ولا للوجاهة، بل للقيام بالمهمة على أكمل وجه، وهي معاناتنا اليوم مع بعض أولئك الذين يعتقدون أن الوظيفة هي حق مكتسب، وأنها لا تليق إلا بهم، ومثل هؤلاء هم القضية الأولى، لأنهم ببساطة يُصرّون على أنهم هم أهم الناس، وهم الذين يُحرِّكون الدنيا بقرار، ويقلبون العالم بكلمة، والحقيقة أن ما يعتقدون هو الوهم بعينه!!! ومن أجل ذلك فإني أتمنى من كل موظف صغرت مكانته أم كبرت، أن يعي أن وطنه أمانة وعمله أمانة، ومكانه أمانة وعملائه أمانة، وذهابه وإيابه أمانة، وراتبه أمانة، لكي لا يظلم نفسه أو غيره وهو يعتقد أنه المحسن الكبير، ولكم أن تتصوروا كيف يكون الحال حين يصل المسؤول للمكان بورقة، والذي يليه مثله وتنتهي الحكاية بأن يصبح الكل لا يختلف عن البعض، الذي ربما يتفوق عن غيره في قدرته على التصفيق والمخادعة، ولأن البدايات الخاطئة ترسم النهايات القاتلة فيكون الضحية المنتج الذي يأتيك هشاً وفي هيئة رثة، وبالكاد يحمل نفسه وبصعوبة يمد لسانه الأبتر فينطق البؤس البؤث!!! * ليست الفرح في أن تكون أنت الرسام وأنت الكاتب، وأنت الحبر وأنت الورقة والقلم، وأنت المدير والمدير العام، لاسيما وأن بعض المهن لا تأتي بالكلام، ولا يجيدها المهرجين، كمهنة الإعلام مثلاً، والتي أجزم أن للموهبة الدور الأول في ولادتها ونموها، ومن ثم يكون التخصص العنصر الآخر الذي يسهم في تهذيبها، ومن هنا فإني لا أتمنى أكثر من أن يقف الإنسان، أي إنسان، على قدميه ولو لقليل من الوقت، ومن ثم يُفكِّر قبل أن يقبل المهمة التي ربما تضعه في مكان لا يعرف كيف يغادره، وهي قضيتنا هنا في أنك تجد الكثيرين من الذين لا يهتمون سوى بالوظيفة والمرتبة وينسون أن مسؤوليتهم عن إدارة كل صغيرة وكبيرة هي المهمة الأكبر، فهل يعي بعض الذين يقبلون بالوظيفة التي لا تتناسب مع تأهيلهم وخبرتهم أنما هم يقتلون في الناس أحلامهم، وأن حجم الخطأ الذي سوف يصنعونه لغيرهم هو يشبه الأورام الأصعب من أن تشفى؟!!! * (خاتمة الهمزة).. الخيول الهزيلة لا تحمل سوى أنباء الهزيمة، والعقول الفارغة لا تبني من الوهم سوى التعاسة والهوان، فهل أكون منصفاً حين أُحدِّث الناس عن الوظيفة؛ التي نريدها أن تأتي في هيئة قرار يضع الرجل المناسب في المكان المناسب.. هذه خاتمتي ودمتم. [email protected]