- أنا الابن الذي يبهو ويغتر ويعتز ويفخر بك - بانتمائه وأصله إليك، ومولده ومعيشته فيك - وددت مرات ان اكتب اليك وعنك - ولكن شأنك عظيم ورب الحطيم- وكثير كثير أردت أن اوفيك فلم أستطع ولن أقدر فأنت أكبر - الله أكبر - يا بلد البيت الحرام، ودعوة سيدنا إبراهيم ومولد سيد الأنام - يا مهد المهاجرين من أهل البيت وصحبه- والخلفاء الراشدين أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذي النورين وعلي الإمام- لقد جدت بأرضك لي سكناً وهوائك نفساً وسمائك غطاء حسناً - وأكرمتني وأعطيتني ووهبتني لقباً - (مكي أنا) قلب وعقل وبدنا ايْهِ يا مكة - اكتب إليك ودمعي يسكن هنيهة ويعود ينهمر - عله يروي ويبري ويجلي ألمي وسقمي - ذاك وله فيض حبي وعشقي وتعلقي - فشوقي إليك شوق كله حب ووجد وترنم وذكر - يملأ كل الفضاءات، ما امتد إليه نظري وسمعي ويداي وقدمي - ولهفتي من أوجها تسبقني إلى كل شبر فيك - أود لو اقبله والثمه لتستقر نفسي واحتويك في حضني - فعبرتي تنهمر وتنساب كلما لاحت أمام ناظري المنائر - لا تكتفي تجري على خدي، فتفيض على صدري - ونشوتي تستحيل فرحاً عارماً يغمرني يكحل عيني بالكعبة والمقام وزمزمي - وزمزم اغب منه شربات وشربات فيه شفاء يملؤني - يارب شقوتي وبؤسي ومذلتي إذا كنت بعيداً قاصياً - ما أردته يوماً ولم أقصد - فقدماي تحملني وتحملني نحو البيت متئداً حيناً اهرول قليلاً وارمل - وعيوني كل مداها مصوب منجذب معلق متشبث بأستار الكعبة والمطاف والمقام - يروح ويغدو وبين الصفا والمروة يسعى منتشر - وتتشنف أذناي مذ خلقت بآذان وإقامة وصلاة وقرآن يعلو من المنائر وخطب المنبر - والخلق ما بين ركوع وسجود وفرضٍ ونافلة - وفود تتقاطر ضيوف الرحمن هذا معتكف وهذا حاج وذاك معتمر - ويداي ترتفع إلى عنان السماء تسأل وترتجي وتستغفر وتتوب - تطلب الصفح والغفران قبل الممات لروح يوماً ستحتضر - وفمي ما يفتأ يلهج بالدعاء لنفسي وأهلي وأمة محمد فأرتوي - ليعمرك الله ويحفظك ويقيك ويباركك بلداً آمنا - ويرزق أهلك من الثمرات لا يشكون بأساً ولا ضرر ايْهِ يا مكة - إن النفس في كل حين يخالجها ويعتريها شوق ولوعة - وحب وجيب فوق الوصف والإحساس و الشعور والخيال هو لك طول العمر ايْهِ يا مكة - يعلم الله كم أنا مسكون مأسور بك مؤتسر أحمد طيب - مكة المكرمة