لا تزال الشكوك المحيطة بمستقبل الاقتصاد الأمريكي، التي لم ينجح الاتفاق على رفع سقف الدين في تبديدها، تلقي بظلها أمس على الأسواق المالية وتضغط على الاقتصادات الأوروبية الأكثر هشاشة. والارتياح الذي أشاعه اعلان الاتفاق بين الجمهوريين والديموقراطيين حول الدين لم يدم سوى ساعات عادت وطغت بعدها المخاوف. وان كان هذا الاتفاق اتاح على الارجح تفادي كارثة كبرى كانت ستنتج في حال تعثر الولاياتالمتحدة عن سداد مستحقاتها، الا انه لا يحجب المشكلة الاساسية وهي ان الدين الامريكي الهائل يقابله نمو ضعيف، وهذه عناصر تبعث المخاوف من تخفيض علامة الولاياتالمتحدة لدى وكالات التصنيف الائتماني. وسيطرت أجواء التشاؤم هذه صباح امس على الاسواق المالية العالمية بالرغم من إقرار خطة الاتفاق مساء الاثنين في مجلس النواب في انتظار اقرارها في مجلس الشيوخ. وقال المحللون في شركة كريدي موتويل- سي ايه سي ان «التسوية لن تسمح بترميم الثقة في الطبقة السياسية والاقتصاد الامريكي» مشددين خصوصا على انه «لا يضمن ان وكالات التصنيف الائتماني لن تعمد الى تخفيض علامة الولاياتالمتحدة». ورأوا انه «ما زال يتحتم توضيح (الاتفاق) لاعطاء رد قادر على دفع الاقتصاد الامريكي لوضعه في حلقة حميدة» في حين أكدت آخر المؤشرات الاقتصادية الصادرة على ضعف الاقتصاد الاول في العالم. والبورصات الاسيوية بدورها تراجعت امس بعدما اقفلت اول امس على ارتفاع كبير. وارتفعت اسعار العملات المرجعية مثل الين، كما سجل الفرنك السويسري ارتفاعا محطما السعر القياسي الذي كان بلغه الاثنين، فيما اقفل الذهب على ارتفاع في هونغ كونغ بوصوله الى 1628 دولار للاونصة. وسجل اليورو تراجعا طفيفا الى 14205 دولارات مقابل 14248 مساء الاثنين. ومن نتائج الحذر حيال الوضع الاقتصادي الامريكي، اقبل المستثمرون على السندات الاكثر امانا والتي تحظى بالعلامة القصوى «ايه ايه ايه» ومنها مثلا الدين الالماني التي تستخدم مرجعا. وأدى ذلك في المقابل الى ارتفاع الفوائد على السندات الاسبانية والايطالية على عشر سنوات الى مستويات تاريخية جديدة منذ قيام منطقة اليورو. وازدادت النسب على هذه السندات لعشر سنوات الى 6.330% بالنسبة لاسبانيا و6.160% بالنسبة لايطاليا. ويرى المحللون في مصرف باركليز ان التسوية التي تم التوصل اليها بعد مفاوضات شاقة استمرت اسابيع «لا تعالج العجز بشكل يوحي بالمصداقية».