الحمدُ لله الذي فضَّل شهر رمضان على سائر الشهور، اختصاصًا له وتفضيلًا، وضاعف فيه الأجور، وأنالَ العاملين له حظًّا جزيلًا، وفَتَحَ بابه للطالبين، وحضَّ على دعائه في كتابه المبين.. ذلكم هو شهر الخيرات والنفحات الذي تسابق الأدباء، والشعراء في تمجيده وتخليده، وأفاضوا في وصفه وفضائله، وما فيه من الروحانية، والنفحات الإيمانية التي تهذّب النفوس، وتُربِّيها على الصبر، والعطف، والإحسان إلى الفقراء.. ومن أولئك الشعراء الذين عبَّروا عن ابتهاجهم بإطلالة هذا الشهر الكريم، وقدوم هذا الزائر المبارك الشاعر محمود صادق الرافعي الذي يقول في إحدى قصائده: فديتك زائرًا في كلِّ عامِ تُحيَّا بالسلامة والسلامِ وتُقْبِل كالغمام يفيضُ حينًا ويبقى بعده أثر الغمام وكم في الناس من كَلِفٍ مَشُوقٍ إليك!! وكم شجيٍّ مستهامِ !! وشاعرٌ آخر، وهو محمود عوّاد يصف في إحدى قصائده هذا الشهر، بأنّه شهر عبادة وإحسان، وذكر وإيمان.. ففيه نزل القرآن الكريم الذي يحمل منهج الرسالة السماوية الخالدة.. وهو شهر الصيام، والقيام، وفيه يتلقّى المسلم أعظم الدروس في التربية، وضبط النفس، والصبر، والإحسان، والعطف، والإشفاق على المساكين.. وفي هذا المعنى يقول الشاعر: الخير بادٍ فيك، والإحسانُ والذكر، والقرآن يا رمضانُ والصوم فيك عبادة، ورياضة تسمو بها الأرواح والأبدانُ والشر فيك مكبَّلٌ، ومغلَّلٌ والبرُّ فيك مجلَّل هتَّانُ والليل فيك نسائمٌ هفهافةٌ رقصت لطيب عبيرها الرهبانُ والفجرُ فيك عبادةٌ وتلاوةٌ والصبح فيك سعايةٌ وأمانُ والروح فيك طليقةٌ رفرافةٌ أحلامها الغفران، والرضوانُ والجسم فيك حبيسةٌ أطماعُهُ لا يستريح إذا سما الوجدانُ والناس فيك تآلفٌ قد ضمَّهُم وأظلهم ظلُّ الهدى الفينانُ وفي قصيدة شعرية أخرى يُبِينُ الشاعرعن فضائل هذا الشهر المبارك، ونفحاته الإيمانية التي تعمُّ الأكوان، فتشرق شمسًا مضيئة ،عنوانها الصفاء والمساواة، ومنهجها الصبر، والاحتساب، والتسامح، والعطف؛ كي تسمو النفوس، وترتفع عن الأدران والسفاسف، وتسير في دروب الخير والإصلاح.. يقول الشاعر: أشرقْ على الأكوان يا رمضانُ فلأنتَ فيها صُبحها الريَّانُ أشرقْ، وفجِّر في البرية فجرها إنّ الوجودَ إلى السنا ظمآنُ أوما حملتَ إلى الحياة حياتها فهدى الحياة وروحُها القرآنُ ناديتَ كلَّ العالمين لشرعةٍ في ظلها تتوحّد الأكوانُ لا لونَ بل لا جنسَ فيها سابقٌ بل بالتقى فيها الفتى يزدانُ فيها بلالٌ للشموس مزاحهم والمسلمون بظلها إخوانُ وبنورها الإسلام عانقَ مجدَهُ ولحكمه قد دانت التيجانُ اللهُ أكبر أي روحٍ قد سَرَتْ فصَحَا على أنوارها الإنسانُ إنّ الحياة الحقَّ في ظلِّ الهدى قرآنُ ربِّي إنَّه الفرقانُ ياأيّها الشهر الكريم، ومَنْ به تسمو النفوس، ويخشع الوجدانُ فالصومُ تزكية النفوس وطهرُها ولكبح كلِّ رزيةٍ ميزانُ والصوم تربيةُ الضمير فمَنْ سَمَا فيه الضمير تألقَّ الإيمانُ اللهم بارك لنا في رمضان، وارزقنا صيامه على الوجه الذي يرضيك عنا، وخُصَّنا فيه بالأجر الوافر، والعطاء الجزيل. * الأستاذ المشارك بكلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية