إذا أضفنا نتائج استطلاعات الرأي الذي أجراه رئيس المعهد العربي الأمريكي الذي أظهر بجلاء وجود نظرة سيئة، ومخاوف تجاه إيران بين الجماهير العربية على نطاق واسع إلى تحذيرات شيخ الأزهر لوفدي إيران وحزب الله من محاولة نشر المذهب الشيعي بين أبناء السنّة، فإننا سندرك لأول وهلة أن التوجّهات والنوايا والممارسات الإيرانية إزاء العديد من الدول العربية تقف حجر عثرة أمام نمو وازدهار العلاقات العربية - الإيرانية بشكل عام، لا سيما في ظل استمرار إيران في التدخل في الشؤون الداخلية للعديد من تلك الدول، وعلى الأخص دول مجلس التعاون الخليجي. نظرة سريعة على أهم نتائج ذلك الاستطلاع الذي شمل أكثر من 4000 مواطن في أقطار عربية مختلفة، بما في ذلك مصر والأردن والمملكة، تظهر أن الغالبية العظمى ممّن شملهم الاستطلاع يرون أن الدور الإيراني في العراق، وفي الخليج عمومًا سلبي. النتيجة الهامة في الاستطلاع التي ينبغي على إيران الالتفات إليها هي التراجع العام الذي أظهرته الجماهير العربية في النظرة الايجابية تجاه إيران بشكل تدريجي منذ العام 2006. أمّا النتيجة الأخرى التي تتطلب من إيران إدراك معانيها فهي اعتبار جميع المستطلعة آراؤهم في المملكة أن إرسال قوات درع الجزيرة إلى البحرين يتماشى مع واجب دول مجلس التعاون الخليجي تجاه دولة عضو. ما أعلنه السفير الإيراني في الرياض مؤخرًا بقوله إن العلاقات الإيرانية السعودية تحتاج الى جهد من البلدين لتبديد سوء التفاهم، وتزامن ذلك الإعلان مع تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيراني بأن إيران والمملكة تشكلان ثقلاً كبيرًا، وبإمكانهما أن تحققا الكثير من المشاريع التجارية والاقتصادية، إضافة إلى دعم السلام والأمن في المنطقة، يبدو بلا شك جيدًا، لكنه يحتاج إلى ترجمة على أرض الواقع، فالعلاقات الدولية لا تقاس بالتصريحات، ولا حتى بالاتفاقيات والمعاهدات البينية، بما في ذلك معاهدات الصداقة، ما لم يوضع ذلك كله في أطر عملية تعبر عن النوايا الصادقة، والأهداف الخيّرة بين الدول بعضها ببعض، أمّا إذا تضاربت الأقوال مع الأفعال كما في الحالة الإيرانية، وإذا تناقضت تصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين بتصريحات مسؤولين آخرين، فإن ذلك لابد وأن يشكل سببًا جوهريًا لدى الدول العربية، وليس المملكة وحدها لتلك النظرة السيئة التي أظهرها الاستطلاع تجاه إيران.