هاهو رمضان قد أقبلت رياحه، وهاهي الأعراس خففت من أثقالها، وها هم الخطاب أنهوا غزواتهم. موجات من الخطاب، يتبعه أكوام من الأعراس، وأعداد من الأفراح؛ إلا أن الطلب يظل أقل بكثير وكثير من الطلب. فكما أن الأعراس يومياً طوال أيام الإجازة الصيفية إلا أن الفتيات أكثير بكثير من أن تسعهن إجازة، أو تسعفهن حفلة. فرحنا بالأفراح الجماعية، والزيجات العائلية، والحفلات الاقتصادية إلا أن قطر الدائرة أكبر حجماً من أن يحاط بنصفه، أو ربعه فكيف بمحيطه. للأسف .. يقتصر نشاط موسم الأعراس عندنا في العطلة الصيفية فقط؛ وكأن الحاجة له محدودة. في حين أن فتح الباب اجتماعياً له طوال أيام السنة يساهم في تقليص عدد العوانس، ويفتح أرزاق لفتيات قد تطرق أبوابهن في أيام صفرية أو ربيعية أو جمادية؛ فهذه أرزاق وعلى من يريد الرزق أن يبقي أبوابه مفتوحة فمن يدري في أي ساعة يأتي الرزق. ولو فتحنا أبواب الزواج طوال السنة لأتت لنا حسنات وفوائد لا ندركها إلا إذا رأيناها وعايشناها. ففتح الزيجات طوال العام يحجم المغالاة في قصور الأفراح، وتجهيزاته، ويزيل أزمة عدم توفر يوم معين في قصر معين، كما يساعد على تواجد الأقارب وعدم تعذرهم بسبب تضارب مواعيد الأعراس كما يحصل في العطلات الصيفية. هذا فضلاً كما ذكرنا على إيجاد عقلية لدى الشباب والفتيات بأن الزواج طوال العام، فلا يقتصر التفكير به فقط في العطلة الصيفية، بل هو مشروع اليوم، والشهر، والعام كله؛ فمتى ما قررت فأقدم ولا تنتظر قدوم العطلة الصيفية في العام المقبل. وهنا يتبادر الحديث عن أهمية دور الأب في هذه الأزمة الطارئة والحادثة في المجتمع، فهل بحث الآباء عن أزواج لبناتهم؟ وهل أبقوا أبوابهم مفتوحة طوال العام؟ وهل هونوا ولينوا من شروط الزواج الصخرية عندنا؟ هل فعلوا ذلك أم حبسوا بناتهم في منازلهم وأغلقوا الأبواب عن خطابهن؟ فلا السقف يسمح بنزول قطرة، ولا الباب يدخل لهن نسمة، ولا القريب يقدم لهن مشورة. وأختم بكلمات هن لسن كلمات بل قطعا من اللحم ممزقة جمعت في صفحة بيضاء حتى يشاهدها الناس ويتساءلوا.. من الذي مزقها؟ من الذي قطعها؟!! هذه صرخة من فتاة حرمت من الزواج، حتى أصبحت عانسا؛ اقرؤوا كلماتها، واحفظوها، وانقلوها، وحدثوا بها في مجالسكم؛ تقول أختكم في الله: «قد يكون الجو باردا ولكني أشعر بحرارة تجتاحني ..حلقت بعيدا وطويلا لا أذكر أنني تعبت في يوم من الأيام أو هزت الريح جناح قلمي. كتبت هذا المقال بعد أن نام الحزن في أحداقي وتوسدت جناح الغربة والبرد والظلام. لقد تدهورت حالتي النفسية كثيرا .. وفضلت الانفصال عن العالم أجمع أصبحت أحاول أن أجلس وحيدة ما تبقى لي من العمر .. لم أكن أتمنى أن يأتي هذا اليوم الذي أسجل فيه صرخاتي بكل صدق وألم. وها أنذا أقف على عتبات الأربعين من عمري ولم أتزوج بعد .. بدأ الشيب يشق طريقه إلى شعر رأسي ولم أسمع من يناديني يا أمي.. فلماذا كانت العنوسة هي المصير الذي ينتظرني في آخر الطريق. لا سامحك الله يا أبي؛ فقد أغليت مهري إلى أن أصبحت عجوزا عندك في بيتك .. لا سامحك الله». عبد العزيز جايز الفقيري - تبوك