طيبة الطيبة عاصمة الإسلام الأولى ومنار الكون الذي منه بدأ النور وإليه يأرز الإيمان في آخر الزمان تستحق أن تصبح عاصمة دائمة للثقافة؛ فمنها شق النور طريقه ليملأ قلوب المسلمين في كل مكان، وبفضلها تسيّدت الثقافة العربية والإسلامية كل ثقافات الدنيا حتى أصبحت مصدر الإلهام الأول، وما عودة المركز إليها إلاّ محاولة اعتذار متأخرة لبُعده عنها فيما مضى؛ لذلك يجب أن يكون احتفالنا بهذه العودة بقدر احتفال المركز بعودته إلى الأصل، وأن تتضافر الجهود من أجل وضع بصمة لا تمحى بمجرد اختيار عاصمة أخرى في العام التالي، و في نظري أن من أبرز ما يساهم بوضع تلك البصمة ما يلي: أولاً: إنشاء مركز إعلامي متكامل يُعنى بالبرامج الثقافية والنشاطات الإعلامية المصاحبة منذ الآن، وليس قبل بدء عام 2013 بأسابيع. ثانيًا: وضع خطط مرحلية يتحقق من خلالها الهدف الأسمى من هذا الاختيار، وهو تبصير الأمة بدور المدينةالمنورة الثقافي في الماضي والحاضر، وربط تلك الثقافة الأصيلة بثقافة العصر. ثالثًا: المشاركة الشعبية الفاعلة من جميع أطياف المجتمع في هذه الاحتفالية، وعدم قصرها على النخبة فقط؛ فالنجاح المأمول لن يتحقق إلاّ بتلك المشاركة التي تستقي مشروعيتها ومصداقيتها من نموذجها الأول حين ساهم الأنصار في بناء العاصمة الأولى مساهمة علقت في ذهن التاريخ، واستحقت أن تدوّن بمدادٍ من نور. رابعًا: تكثيف الجانب الإعلاني قبل بدء الفعاليات بأشهر، والتنويع في وسائل الإعلان من أجل الوصول إلى أكبر حشدٍ ممكن للطاقات والإمكانات. خامسًا: إنشاء قناة فضائية متخصصة بالإعلان عن الفعاليات ونقلها، وإعداد البرامج الوثائقية لها منذ الآن، خاصة وأن تاريخ المدينة الزاخر بالأحداث يشكل دعامة قوية للقناة. سادسًا: الإيمان المطلق بأن الاحتفال لمجرد الاختيار لن يشكل إضافة هامّة، الاحتفال الحقيقي يتمثّل بوضع كل التطلّعات موضع التنفيذ والسعي الدؤوب لتحقيقها على أرض الواقع. (*) الأستاذ المساعد في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة طيبة