إن المدينةالمنورة لها في نفوس المسلمين قيمة رمزية كبيرة باعتبارها أول حاضرة لدولة الإسلام، وشهدت هجرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وباعتبارها مدينة التعايش الأولى في العالم، ولذلك فإن هذا الاختيار جاء في وقته وفي مكانه، وذلك بعد أن اختيرت مكةالمكرمة عاصمة للثقافة الإسلامية في عام 2005. المدينتان عظيمتان في التاريخ وتحملان إرثًا تاريخيًا وفكريًا كبيرًا، ومن هنا فإننا نأمل من جميع القائمين على فعاليات المدينةالمنورة عاصمة للثقافة الإسلامية أن تكون هذه الفعاليات بحجم المناسبة وبحجم المكان وبحجم التاريخ الذي تحمله، وأن تتريث اللجنة المشرفة على البرنامج في اختيار واعتماد البرنامج حتى يكون مستوفيًا لجميع الجوانب، وأن تتعاون جميع الجهات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والأدبية والرياضية في إحياء هذه الفعالية عبر البرامج التي تنفذها طيلة أيام العام أو في أغلب أيامه، وخاصة وأن هذه المدينة أيضًا هي محط أنظار الزائرين لمسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولهذا لا بد أن يلحظوا الفرق وأن يشعروا بالمناسبة تلاحقهم في مكان يمرون منه في المدينةالمنورة. وأرى أن تهتم هذه المناسبة بعقد لقاءات موسعة بين الشعراء والأدباء من مختلف البلدان العربية والإسلامية في العاصمة الإسلامية للثقافية في ذلك العام للتعارف الحي والتحدث والحوارات والمناقشات في مختلف القضايا الثقافية والمواقف من هذه القضايا، وأن تقام مهرجانات شعرية تشارك فيها أعداد كبيرة من الشعراء في كل بلد، ولتكن هذه المهرجانات تظاهرة ثقافية ليعرف الشعراء بعضهم البعض عن كثب، ويستمعوا لبعضهم كذلك، وأن تعقد دراسات نقدية تتناول نتاج الأدباء العرب والمسلمين ولا تقتصر على المشاهير منهم، وتعقد لذلك جلسات نقدية يحضرها المهتمون بالإبداع من مختلف البلدان، وأن تعقد هذه اللقاءات في العاصمة الثقافية حيث يخصص أسبوع لكل نوع من أنواع الإبداع فأسبوع للشعر وأسبوع للرواية وأسبوع للقصة وأسبوع للمسرح وأسبوع للنقد وكذلك أسبوع للفنون التشكيلية وللتراث الشعبي والأغنية كذلك، وفي كل أسبوع يلتقي المبدعون في كل الأقطار العربية والإسلامية وتتاح لهم فرصة المشاركة ليعرض كل مبدع إبداعه ويرى إبداع الآخرين فتكون الفائدة أعم وأشمل من حيث تقارب المبدعين وتلاقح أفكارهم وتعرفهم على وجهات النظر المختلفة المتنوعة في حواراتهم، ونشر هذه الإبداعات مجتمعة ليطلع عليها المثقفون عامة، وأخيرًا أن يواكب الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي هذه التظاهرات الثقافية حيث تخصص الفضائيات نصيبًا وافرًا لعرض هذه الإبداعات المتنوعة للبلد المضيف والبلدان المشاركة وبهذا يستطيع المشاهد أن يكون على تواصل ثقافي مستمر وتتعرف البلدان الأخرى كذلك على إبداعاتنا المتنوعة حينما تنقلها الفضائيات نقلاً حيًا. (*) ناقد أدبي