(الاختلاف في الرأي لا يُفسد للود قضية) عبارة كثيراً ما ترد على مسامعنا ونرددها لنظهر حضاريتنا ، وما أن نبدأ الحوارات في مختلف القضايا وكل طرف يبادر بطرح واثبات صحة أفكاره وآرائه حتى نكتشف وسريعاً أن الجملة السابقة لا تتناسب مع البعض من أفراد المجتمع مهما ارتفع مستوى تعليمه وثقافته ، فالعبارة قد زيد عليها حرف واحد قلب معناها وهو حرف (لا) إذا حذفنا هذا الحرف تصبح العبارة بعد ذلك (الاختلاف في الرأي يفسد للود قضية ) نعم يفسد ويفسد ويفسد العلاقات الإنسانية وقد تصبح العبارة الأكثر مناسبة بعد ذلك عند المتعصبين (من ليس معنا فهو ضدنا ) ونبدأ بتصيد أخطاء الرأي الآخر ومحاولة الإيقاع به متى سنحت الفرصة لذلك، وقد ينزل البعض لمستوى الشتائم والسخرية ، وما حصل مع الدكتور طارق الحبيب قد حصل مع غيره من الشخصيات سابقاً ويحصل باستمرار في حياتنا اليومية فالمجتمع يحذر كل من تسول له نفسه مخالفة آرائه أو الخروج عن طريقة تفكيره ،لأنه سيكون القاضي والجلاد في وقت واحد وسينفذ هذه العقوبة على المخطئ والمخالف دون أن تأخذه به شفقة أو رحمة ، فما أن يرفع رأسه بعد الجلدة الأولى ليبرر و يطلب الغفران حتى تأتيه الجلدة الثانية من طرف آخر ويستمر الجلد حتى تكون النتيجة استدراجه للقائمة السوداء فلا أحد يحاول الاستماع له . قرأت للكاتب والباحث المصري في مجال العلوم الإنسانية الأستاذ كريم الشاذلي مقالا رائعا على صفحته الخاصة في الفيس بوك بعنوان (لا تسألني فأكذبك) كان الكاتب يتحدث عن إستراتيجية رائعة علينا أن نتعلمها من المسلمين الأوائل ونطبقها في حياتنا حتى مع العدو وهي التغافل أحياناً وتمرير الخطأ وعدم التضييق على الطرف الآخر في الحوار محاولاً الانتصار وأضاف أن الحياة لن تمضي ونحن نتربص لبعض الأخطاء وختم مقاله بعبارة جميلة جداً ولتكن شعارنا بعد ذلك وهي (كسب الأفئدة أهم عندنا من كسب المواقف ) وختاماً أقول جل من لا يخطئ ومن يجلد الآخرين على أخطائهم لا بد أنه سيتمنى الغفران يوماً . هبة العبّادي-جدة