ان عملية الانتخابات ليست عملية سياسية فحسب، بل انها ثقافة متقدمة، ولكونها ثقافة تكون اكثر تشعباً من السياسة واكثر ثوابت فيما يخصها كممارسة وكاعراف وكتقاليد وكطاقة حية داخل المجتمع لتحريك كل خصائصه الانسانية والحضارية، فليس الانتخابات هي من ينعكس على حال البلاد العامة ومفاصلها الاجتماعية والتاريخية بل كل ذلك ينعكس على الانتخابات، ثقافات ومواصفات عديدة تنعكس على الانتخابات، لتجعل منها ثقافة، التسامح، الصبر، الحوار، احترام القانون العام، تحول بعض المفاهيم كالرشوة والمحسوبية والتعصب العرقي من سمة وامتياز لممارسها الى صفة ذميمة يشجبها المجتمع بل ويسخر منها، لا يمكن ان نمارس الانتخابات دون ان نشعر بمنطق معتدل يرى ان السياسة هي خدمة المواطن وان المنصب السياسي هو تكليف خدمي ينزل الى ادق الحاجات والمستويات الانسانية من اجل تقويمها والارتقاء بها. لا يمكن ان نمارس الانتخابات ونحن نخضع لمنطق القوة و»العفرتة» ومنطق الخوف ومنطق رضا الاخرين على حساب غياب مصلحة البلد العليا التي هي من مصلحة افراده. فليس الانتخابات هي ما تحتاجه الشعوب فقط بل العكس، الانتخابات هي من يحتاج الى وعي عام ونكران ذات والاعتراف بالفشل او الهزيمة والعمل على تجاوزهما والاحترام المتبادل بين الجميعدونه المساس بالاولويات. ولعل ما حدث في اجتماع البرلمان البريطاني الاخيرة حول الوضع في العراق واسلحة الدمار الشامل تشير الى هذا المنطق بوضوح، حين تمادى بعض النواب في التجاوز على رئيس الوزراء البريطاني «توني بلير» الذي وقف كالمذنب الذي يحاكمه فوج من القضاة والمتذمرين، كان موقفه الصعب ذاك انتقاداً صريحاص لكل الديكتاتوريات في العالم، ودرساً لهم يشير الى ان الحاكم مسؤول امام الناس عن كل شيء من قارورة الماء الى شن الحرب، لكن اللافت في هذه الجلسة هو اخراج الشرطة لعدد من النواب من القاعة بسبب اعتراضهم تجاوز المسموح به. ما هو المسموح والممنوع في هذه الحالة!! كل شيء مسموح تناوله والاعتراض عليه او المصادقة عليه ودعمه باستثناء التعرض لشخص اخر، فلا تخوين ولا اتهام بالعمالة ولا سب وشتم على الطريقة العربية ولا تكفير. الكل يناقش مستقبل البلاد وابنائها وايضاً مستقبل الكون المسكون في هذه الدنيا. في ذلك درس لنا ونحن مقبلون على تغييرات شديدة في تاريخنا السعودي، وابرزها الانتخابات الذي نرجو ان يكون هواية الجميع ما تبقى من الحياة في بلادنا، احترام الرأي والصبر على الخطأ وانصاف الكفاءات التي تعمل على بناء البلد والتخلص من سياسة الشعارات والشخصيات التي تتكلم اكثر مما تفعل، على المسؤول المرشح ان يقول لنا ماذا عمل وماذا سيعمل لا ان يقول لنا من اي عشيرة او دين او مذهب، لا شك ان ذلك سيلعب دوراً الى حد ما في عملية الانتخاب لكن ذلك لا يعفي من ان يكون الاختيار داخل تلك الشرائح مستنداً الى الكفاءة واحترام الجهد، وان تكون لغة الاختلاف مع الاخر بعيدة عن الاتهام الجارح والغضب والتهديد والتكفير وغير ذلك مما لا يصب في سياسة الديموقراطية او ثقافة الانتخابات والتطلع لبناء بلد عصري متميز، فالانتخابات ثقافة ومدرسة لا يمكن نيل شهادتها الا بعد تجاوز امتحانها، وعلينا ان نتجاوز هذه الانتخابات بالطريقة السليمة ومن غير اي (تلاعب) ليصبح شعبنا وبلادنا فعلاً نموذجاً يحتذى به بين بقية الدول المجاورة. وأخيراً وليس آخراً. س1: هل سيكون هناك مراقبة على عملية الانتخابات؟ أم سوف تكون مجرد انتخابات صورية؟ ص2: هل سيكون المنتخب أميناً على مصلحة دائرته؟ أم سوف يكون هناك مصالح خاصة؟ س3: هل سيحاسب المنتخب إن أخفق أو أذنب؟ [email protected]