عرفت الدكتور زهير السباعي أول ما عرفته عبر شاشة التلفاز السعودي عندما كان يقدم برنامجه الشهير « الطب والحياة «، كان الدكتور السباعي يدخل الى قلوب المشاهدين بأسلوبه السهل الممتنع وبإطلالته البشوشة وبلغته الفصيحة السلسة وبالمعلومات الغزيرة والمفيدة التي يقدمها دون أن يشعر الجمهور بأنه يلقي عليهم محاضرة ودون أن « يتفلسف « عليهم بمصطلحات معقدة أو ألفاظ صعبة بالرغم من دقة المواضيع التي يطرحها وأهميتها. ثم التقيت بالدكتور السباعي عندما كان أستاذاً في جامعة الملك فيصل في الدمام وكنت أقيم آنذاك في المنطقة الشرقية، ومنذ ذلك التاريخ وأنا أكن للدكتور السباعي محبة واحتراماً عميقين فلقد كنت أدرك أنه نجل الراحل الكبير الأستاذ أحمد السباعي يرحمه الله، ولقد كنت قد حظيت بجائزة من مدرسة الزاهر المتوسطة في مكةالمكرمة في المرحلة الإعدادية وكانت الجائزة كتاب «تاريخ مكة» بجزءيه الأول والثاني الذي ألفه المرحوم الأستاذ أحمد السباعي، ثم إنني كنت كثيراً ما أسمع من والدي الفريق يحيى المعلمي يرحمه الله عبارات الثناء والإجلال للأستاذ أحمد السباعي، كيف لا وهو رائد المسرح السعودي وعملاق من عمالقة الأدب والتاريخ والصحافة في بلادنا.. كما كنت أتابع باهتمام وإعجاب جهود الدكتور زهير في نشر الثقافة الصحية وحرصه على الإسهام في العمل العام، وحتى عندما كان يسعى إلى تأسيس معاهد التدريب الصحية كان يضع نصب عينه أهداف التدريب والتوعية قبل أن يسعى إلى تحقيق أهداف الربح، ولعله عانى من ذلك ما عانى مما لم يمكنه من تحقيق كامل طموحاته وتطلعاته، ثم سعدت بمرافقة الدكتور السباعي في الدورة الثانية لمجلس الشورى، وهناك ازددت معرفة به واحتراماً له فلقد كان دائماً يطرح آراء حكيمة ورؤى متزنة باسلوب هادئ ولغة سلسة وكان شغله الشاغل هو التخطيط لرعاية صحية أفضل فلقد كان وما زال يؤمن بأن وطننا لا يحظى بمردود كاف على الإستثمار الضخم الذي يبذل في سبيل الرعاية الصحية. مؤخرا أهداني الأخ الدكتور السباعي كتيباً صغيراً بعنوان « الرعاية الصحية، نظرة مستقبلية «، شكرت الدكتور وتوقعت أن يكون الكتاب موجها إلى المتخصصين في الطب وشئون الرعاية الصحية خاصة وأن غلافه كان مزداناً بصورة طبيب أجنبي الطلعة يرتدي المعطف الطبي ويعتمر السماعة فحسبت أن الكتاب موجه لأمثال ذلك الرجل من الخبراء، ولكنني ما إن بدأت في قراءة الكتاب حتى وجدتني منجذباً إليه متطلعاً إلى إكماله في أقرب وقت. لقد كتب الدكتور السباعي الكتاب بعلم الخبير وقدمه إلى القارئ بلغة الصديق، وكان يعرض إلى كثير من الحقائق والمبادئ الهامة باسلوب بسيط يجعل القارئ يشعر بأن ما أمامه هو استنتاجات بدهية كيف ابتعدت عن أذهان المسئولين والمخططين، فهو مثلاً يقرر في الفصل الأول أن « مستوى الصحة في المجتمع لا يعتمد على عدد الأطباء والأسرّة وميزانية الصحة، بقدر ما يعتمد على أسلوب الرعاية الصحية» ثم يمضي ليحدد العوامل التي تؤثر في الرعاية الصحية قائلاً إنها « القدرة على التخطيط بأسلوب علمي سليم وإدارة المواد البشرية بأسلوب فعال « مع « عدم المركزية في التنفيذ «، ثم يتحدث المؤلف في الفصل الخامس بإسهاب عن الرعاية الصحية الأولية وأهميتها في الهيكل الصحي للمجتمع وكنا قد سمعنا قبل سنوات عن برنامج الملك فهد لإنشاء ألفي مركز للرعاية الأولية لنعود ونسمع أن وزارة الصحة قد تخلت عن هذا البرنامج وآثرت إنشاء مستشفى تخصصي في كل منطقة ثم سمعنا أن الوزارة قد تخلت عن هذا البرنامج أيضاً ولا أدري ماهي موضة هذا العام في التخطيط الصحي!! ثم يتحدث المؤلف عن التعليم الطبي ويدعو إلى التعليم الإبداعي بدلاً من التعليم التلقيني ويتطرق إلى البحث العلمي وإلى مواضيع أخرى لن يتسع المجال لاستعراضها.. خلاصة القول إن هذا الكتيب الصغير بصفحاته التي لا تتجاوز المائة وثلاثين صفحة هو سفر كبير هام يجدر بكل العاملين في قطاع التخطيط والصحة والتعليم أن يهتموا به، ويستحق أن يكون قراءة إلزامية لإخوتنا من أعضاء مجلس الشورى لعلهم يستنيرون بما فيه من مبادئ وأفكار في مداولاتهم، وشكراً للدكتور زهير السباعي الذي أثرى مجتمعنا بهذا الإنتاج المتميز. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (19) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain