نحن أمة (اقرأ) ماذا فعلنا لنعيد لنا حضارتنا الضائعة التي ما زال العالم المتعطش يشرب من منابعها، ويبحث عن آثارها، ولا يزال يجهل الكثير عنها. للأسف؛ كان الغرب الصليبي إبان الحروب الصليبية يحرق الكتب، ويغرقها، لجهله بإقرأ فلم نلمه على جهله وإنما لمنا أنفسنا .. لماذا لم ننحت هذه الكتب على الجبال والصخور والأحجار حتى لا تندثر؟!!، ولماذا لم نزخرفها بدمائنا حتى نعبر عن قيمتها لدينا؟!! أنا شخصياً - وأعوذ بالله من كلمة أنا - ألفت خمسة كتب، وفي طريقي إلى المزيد بإذن الله، لم أفكر يوماً من الأيام في أن أكتب سطراً خارج المنهج المدرسي إطلاقاً إلا بعد قراءة الكتب .. استطيع أن أقول بأنني كنت ميتاً في قبر الحياة قبل أن أكتشف نهر قراءة الكتب لأشرب منه فتعاد لي الحياة مرة أخرى. نعم؛ أعيدت إلي الحياة الحقيقة، حياة الكتاب الإسلامي، والثقافي، والعلمي. لقد عرف المسلمون أسباب النصر في العصور الإسلامية الزاهرة .. الأموية، والعباسية، والعثمانية، فاشتغلوا بالكتاب تأليفاً، وبالعيون قراءة حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه من حضارة يعجز التاريخ عن إعادة أمثالها - إلا أن يشاء الله -. فهل تعلم أن الدول العثمانية وصلت إلى تطورها العسكري إلى صناعة الغواصات البحرية العسكرية؟!!. كل هذا بالعلم والقراءة والكتابة. وهاكم الطب؛ هاهو ينتشر بالكتابة والأبحاث الطبية وتباع كتبه بالأسواق ومع ذلك تنتشر الأمراض في الدول الإسلامية بكثرة بسبب بعدنا عن القراءة. ولا أنكر جهل الكثير من المسلمين في بلدان العالم أجمع بالقراءة، فهم لا يعرفون معنى الثقافة بقراءة الكتب، لا يعرفون أن إمساك كتاب ومحاولة فك رموز أسطره هما العلم والمعرفة اللذان حثنا عليهما الكتاب والسنة، وهما من سيوصلاننا إلى العزة في الدنيا والآخرة إذا قرناهما بالعمل والإخلاص لله. وأنا أحد هؤلاء الجهلة الذين تعرفت على الكتاب وقراءة الكتب بالصدفة، لم أكن أتخيل يوماً ما أنني سأعرف تفاصيل خلق الله في جسدي إلا بعد قراءة الكتب، لم أكن أصدق يوماً ما أنني سأؤلف كتاباً وأنا أمل من الإمساك بالقلم أكثر من بضع دقائق إلا بعد قراءة الكتب، لم أكن أحلم يوماً ما أن أكون أحد الداعين إعلامياً بتحرير المسجد الأقصى إلا بعد قراءة الكتب. كل هذا خرج بعد أن اطلعت على مفتاح العلوم والطاقات والأقلام .. إنها القراءة. القراءة نعمة من الله - تعالى - على البشرية، كانت عبر التاريخ شاهدة على حضارات نقلت إلينا أخبارها في الحجر، وألواح الطين، ولفائف البردي، إلى الورق المعروف في عصرنا. وها نحن الآن نشاهد الثورة المعلوماتية تضرب أمم الغرب فتضئ لهم، ونحن نراها وترانا فلا نناديها ولا تنادينا. فلماذا لا نقوم نحن بخطوة عظيمة تحفظ كتبنا، وتعرف أبنائنا المسلمين في كل البلاد على أهمية القراءة والكتاب، كما فعلها أجدادنا قديماً، وكما طبقها الغرب حديثاً؟!! لماذا لا ننشئ رابطة للكتاب الإسلامي، تعنى بشؤون الكتاب والقراءة بداءً من إعداد فهرس موحد لجميع المؤلفات الإسلامية، ثم توزيع الكتب المختلفة الدينية والعلمية، وترجمة النافع من البحوث العلمية، والعناية بجمع الأموال لطباعة الأبحاث العلمية الضرورية، وانتهاءً بإعداد مناهج مدرسية تدرس لأبناء المسلمين في العالم عن أهمية القراءة كم أتمنى ذلك، ولكم أتمني أكثر من ذلك بأن تتبنى هذا المشروع بلادنا، فهذه البلاد سباقة إلى كل ما يحتوي العالم الإسلامي من روابط؛ كإنشائها لرابطة العالم الإسلامي، والندوة العالمية للشباب الإسلامي، وأرجوا من الله أن أسمع في القريب العاجل عن «رابطة الكتاب الإسلامي» من مكةالمكرمة، وبكل فخر. عبد العزيز جايز الفقيري - تبوك