ذات مرة خلع رئيس البنك الدولي السابق بول وليفتز (الأمريكي الجنسية) حذاءه ليتجول داخل معلم أثري مقدس، فلم (توفره) الكاميرا إذ صورت (جوارب) المسؤول الرفيع، وهي ممزقة، فبدت وكأن صاحبها مشرد لا يملك من الدنيا نقيراً. ولو لم يخلع سيادته حذاءه لما هُتكت أسراره، فالحذاء يخفي ما بداخله، ولو استمر الحال به عقودا. والحال نفسه ينطبق على ملابسه الداخلية، فما أدرى (الكاميرا) غير الخفية إن كانت هي الأخرى ممزقة و(حالتها حالة). وهكذا حال كثير من الناس، فمنهم من ترى يده نظيفة لامعة ممسكة بسبحة من اللؤلؤ الخالص (لزوم اكتمال المظهر)، في حين قد أوغلت هذه اليد نفسها في المال العام، فلم تدع شاردة ولا واردة، ولا مشروع ولا مناقصة إلا ولها منها نصيب. وأيدٍ أخرى توغل في حقوق العباد فتأخذ ولا ترد، وتستدين ولا تعيد. وثمة أيدٍ ناعمة تحسبها بالخير مفعمة، في حين هي في الخفاء مستعلية باطشة لا يسلم منها ابن مستضعف ولا ابنة مسكينة ولا زوجة مغلوبة على أمرها. وأخرى لا تتردد في أمر بظلم أو توجيه بعنت ومشقة. وأيدٍ أخرى تراها بالخير ممتدة في بعض مواسم الخير، فهي للمحسن الكبير، والمتصدق الفاضل، والمعطي الكريم، لكنها في بقية العام لا تمتنع عن أكل الربا تحت يافطات متنوعة متلونة، ولا تتوانى عن مص دماء المقترضين حتى آخر قطرة. ولهذا لا يبالي الله عز وجل بصور الناس ولا بملابسهم ولا بفخامة مركباتهم ولا وثارة دورهم وقصورهم، وإنما هي القلوب والصدور، فرب يد خشنة لم تعرف النعومة يوماً خير عند الله ألف مرة لأنها أمسكت عن الخوض في الحرام عامة وخاصة، وامتنعت عن إيذاء الناس قريبهم وبعيدهم، ولم تحرم أحداً من فرصة يستحقها، ولم تهب أحداً حقا لا يستحقه. رب يد لا تملأ عيناً ولا تنتزع إعجاباً، لو رُفعت إلى السماء فأقسمت على الله لأبرها وحقق مبتغاها. اللهم بارك لأصحاب الأيدي النظيفة من المال الحرام، ومن البطش الجائر، ومن الاستغلال الفاحش، واملأ قلوب أصحابها إيماناً ونوراً وسعادة ورضا وقناعة. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (2) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain