قلنا وقال الغيورون على الوطن: إن هناك قضية واحدة غير قابلة للمناقشة أو التقنين، وهي أننا أبناء وطن واحد، نعيش على تراب هذا الوطن، بعيدًا عن المزايدات، بعيدًا عن التصنيفات المناطقية، فنحن نعرف أن وحدتنا الوطنية فوق كل اعتبار ومزايدة، فكل منطقة في هذا الوطن هي قلب ينبض بمصلحة الوطن، وهذا ما تؤكده أحاديث الشهم قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لترسيخ مبدأ ثقافة المواطنة. أمّا ترويج الفتن والقبلية، وتأجيج النعرات، وتعزيز مفهوم الإقليمية الضيّقة، فهذا أمر مرفوض ومستهجن، كل المبادئ والقوانين ترفضه، ويفترض بنا أن نكون أكثر واقعية وانضباطًا فيما نطرحه عبر القنوات، لأن ذلك يهدد رؤية الوحدة الوطنية، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالوطن، فلا داعي للتشدق فيما لا يعني، ولا داعي لرفع الأصوات للظهور الإعلامي على حساب الوطن، فيخرج كل من هب ودب ويثير فتنة، نحن في غنى عنها، بدون أي إثبات أو أدلة دامغة، تؤكد مثار هذه الفتنة، ولكن هي وجهة نظر مفردة متطرفة. وعندما تعرض الأفكار والرؤى يتلقفها المنظرون، فيقلبون الحقيقة، فهذه لعبة يدركها هؤلاء حتى يثيروا أمور التعطيل والتأليب، فلابد أن ترفض كل المنابر الإعلامية وغيرها هكذا أصوات ضيّقة في فكرها وتفكيرها، لأنها تعددية نتنة، فلا داعي مرة أخرى للضرب تحت الحزام، فالوطن فوقنا جميعًا، وهناك قضايا نأخذ ونرد عليها، والحديث في قضايا الوطن يجب أن يكون له حد، لا يأتي كل من هب ودب يتحدث فيها. نقطة أخرى، هناك من يظهر ويخرج على القنوات الفضائية ويثير الفتن ولا يتذكر أو يتناسى ذلك اللقاء الذي كان عنوانه: (القبلية، المناطقية، التصنيفات الفكرية، وأثرها في الوحدة الوطنية)، والتي جاءت كلماته وحروفه من مبدأ اللُّحمة الوطنية. وقد كان جزءًا كبيرًا من مجهودات مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني إنشاء قاعدة عدم التحيز للعصبية الجاهلية، فعندما أنشئ هذا المركز عام 2003م جاءت مشاركة كثير من علماء الدّين، والأكاديميين، والمثقفين، الذين يمثلون ولأول مرة مختلف الاتجاهات المذهبية في السعودية، وناقشوا قضايا الوحدة الوطنية، ودور العلماء في ترسيخها، فكانت خطوة مباركة، ونرى أن البدايات القديمة لهذه الفكرة العملاقة تمت في عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، ثم كانت الفكرة الرائدة في نفس أكثر أبنائه، فأنتجت لنا أعظم وحدة في التاريخ الحديث، بقوة الإرادة، وتوافق مصالح الحوار الوطني لوطن قادر على إعطاء أبنائه كل محفزات التقدم، بعيدًًا عن الوقوع في مهاوي الغلو والتطرف والتعصب والمناطقية، وكان رجل المبادرات الشهم خادم الحرمين عيناه على هذا المركز، وجعل قضايا الحوار الوطني ضرورة من ضرورات المرحلة، التي أسست لثقافة المصارحة والمكاشفة، وتبادل الرأى والنقاش والجدال بالتي هي أحسن، بمشاركة كل فئات المجتمع. وكان مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني على مستوى المسؤولية والتحدي، فقد جسّد بحمد الله ثم بما توافر له من رعاية سامية ومباركة طموحات المجتمع السعودي من خلال آفاق الحوار بالرأى والرآي الآخر. ختامًا.. السؤال الذي يتبادر إلى الذهن: متى نتجاوز هذه الفتنة؟ ومتى تأتي العقوبة لمن يزعزع وحدة الوطن؟! * رسالة: القنوات الفضائية بعضها مدعاة للنقاش الإعلامي المستفيض في واقع الإعلام المفتوح، وهذه القنوات ليست هادفة، وليس لها قيمة، لأن القائمين عليها لا يدركون أن الإعلام هو انعكاس للخبر، والحدث، وتصفية تحليلية وواقعية وموضوعية، ولكن يعتقدون أن هذه القنوات لتصفية الحسابات، أو لتأجيج النعرات، وفي رأيي أن هذه القنوات مثل العروض لا تحترم فكر المشاهد وكرامته، وحري أن تتوقف مثل هذه القنوات؛ لأنها باتجاه المنحى الضيق.