كورنيش جدة (الواجهة البحرية) له قصص وحكايات تخفى على الجميع .يرجع الفضل لإنشائه للمهندس محمد سعيد فارسي أمين مدينة جدة السابق طيب الذكر بدعم لامحدود من الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله وكان حينها وليا للعهد .كلفت بالعمل مسئولا عن العلاقات العامة ببلدية جدة في السبعينات من قبل مؤسسة تهامة للإعلان والعلاقات العامة المتعاقدة مع البلدية لإدارة الإعلام والعلاقات العامة وكان ارتباطي مباشرة مع المهندس الفارسي رئيس البلدية انذاك. أرهقني العمل معه لاسيما وان معظم مواعيده معي كانت في السادسة والنصف صباحا وكنا نقوم بجولات ميدانية على المدينة يدون ملاحظاته على الشركات وأخرى تخص البلدية ,وفي الساعة الثامنة صباحا يتصل بالمسئولين بالبلدية موضحا لهم ملاحظاته . في إحدى الجولات غرب طريق الملك توقفنا أمام مجموعة من الأسوار والمباني حجبت البحر عنا واستمررنا لمسافة ولم نتمكن من رؤية البحر. التفت اليّ وطلب مني بان تقوم الصحف والمجلات وكتاب المقالات بشن حملة صحفية تنتقدني كمهندس ورئيس بلدية جدة ويشمل النقد مانصه ( البحر ملك للجميع وليس للفئة القادرة ماليا, حجب رؤية البحر عن الفئة غير القادرة ماديا ,جدة عاطية ظهرها للبحر ومن منطلق التخطيط للمدن الساحلية أن يكون البحر واجهة رئيسية للمدينة) فوجئت بطلب الفارسي وقلت له نحن للدفاع عنك وإظهار انجازاتكم للعامة وسوف نتيح فرصة للصحافة للنيل منكم كفانا من هجوم الكتاب؟ أجاب هذا ما أتمناه. قلت كيف ؟أجاب لأتمكن من بناء كورنيش بجدة ويصبح البحر ملكا للجميع.. قلت كيف؟ قال لي دعه سرا بيني وبينك أريد إيصال رسالة عبر وسائل الاعلام للأمير فهد بن عبدالعزيز رحمه الله وكان وليا للعهد انذاك كوني لااستطيع أن اطلبه أكثر مما طلبت فشارع الستين (الأمير فهد) كلف الدولة 4الاف مليون ريال 10 أضعاف ميزانية بلدية (خارج الميزانية). أخبرت الأستاذ محمد سعيد طيب وكان مديرا عاما لشركة تهامة بطلب الفارسي اندهش ابوالشيماء وقال لي شوف دهاء المكيين ,تولى الطيب التنسيق مع بعض الكتاب بطريقته الخاصة. انهالت الصحف والمجلات انتقادات للبلدية ووجدها بعض الكتاب مادة دسمة في مقالاتهم والبعض الأخر وجدها فرصة لتصفية حسابات , وأصبحت حديث المجالس والنخب ونحن لم نكتفِ بقراءة المقالات كون الحملة مفتعلة بل طلب الفارسي مني الرد على مقالات بعض الكتاب المؤثرين بان ولي العهد يولي هذا الموضوع اهتماما .كثر النقد في الصحف والمجلات. انتقل ديوان رئاسة مجلس الوزراء لجدة في فصل الصيف كالمعتاد اتصل بي المهندس محمد سعيد فارسي بعد منتصف الليل وكان مسرورا وابلغني بان الأمير فهد بن عبد العزيز سيقوم بجولة والوقوف على الطبيعة كون حجب البحر عن المواطنين أزعجه وطلب مني مرافقته في الجولة لإبلاغ وسائل الاعلام عن نتيجة الجولة . في اليوم التالي الساعة الخامسة مساء قام ولي العهد بجولة في المنطقة الواقعة غرب طريق الملك برفقة الفارسي وتأكد من حجب البحر عن المواطنين انزعج سموه عندما رأى الفئة القادرة ماليا هي التي تتمكن من رؤية البحر وطلب من الفارسي أن يكون البحر ملكا للأطفال والرجال والنساء وسأل الفارسي عن رؤيته أجاب الفارسي بأنه لن ينزع أي عقار بل سيقوم بالدفن أمام الأسوار والمباني وطلب من ولي العهد 100مليون ريال لتنفيذ المشروع أجاب ولي العهد على بركة الله وطلب من الفارسي أن يبدأ الدفن أولا من أمام عقارات أفراد الأسرة المالكة بدون استثناء إذا كانوا يملكون عقارا .ابلغت وسائل الإعلام بنتائج الجولة . في اليوم التالي عمد الفارسي المقاول صالح الأسود بالبدء فورا بالدفن دون انتظار الاعتماد المالي وكان الفارسي يردد مقولته ان ما ينجز اليوم صعب انجازه مستقبلا .ماينجز الان من تطوير للواجهة البحرية ما هو الا تطوير لما هو قائم رحم الله الملك فهد واسكنه فسيح جناته فلولاه لحجب البحر عنا. الملك فهد بنى نهضة عظيمة للمملكة منذ أن كان وليا للعهد عندما منحه الملك خالد رحمه الله صلاحيات لإدارة شئون الدولة داخليا وخارجيا. فهو واضع البنية التحتية للنهضة التعليمية' والصناعية, فالجبيل وينبع والمشاريع الصناعية المقامة عليها ومصفاة بترومين وينبع وخط أنابيب الغاز السائل الذي يبلغ طوله1200كيلو متر ومحطات التحلية وتوليد الطاقة في الشعيبة والخبر وهو الباني للمدن السعودية وتطورها, والباني للبنى التحتية من شبكات الطرق. والاتصالات, ومشاريع المياه ,والكهرباء ,والمشاريع الصحية ,والموانئ, والصرف الصحي والمدن الجامعية. تبنى رحمه الله توسعة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وتحديث الأنظمة بما يتماشى مع تطور العصر (النظام الأساسي للحكم ,ومجلس الشورى, ومجلس الوزراء ,والمناطق) ومقالي لا يتسع لذكر انجازات الملك فهد رحمه الله وجاء عهد الملك عبدالله حفظه الله ليستمر البناء والتطوير والتحديث لما بناه والده الملك عبدالعزيز وإخوانه الملوك من قبله رحمهم الله . أمل أن يطلق اسم الملك على الكورنيش الشمالي فلولاه لما رأينا البحر الذي أصبح متنفسا للمواطنين وان يطلق اسم الفارسي على الكورنيش الأوسط عرفانا للجميل. [email protected]