حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    الشيباني يحذر إيران من بث الفوضى في سورية    رغم الهدنة.. (إسرائيل) تقصف البقاع    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    تعزيز التعاون الأمني السعودي - القطري    المطيري رئيساً للاتحاد السعودي للتايكوندو    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    46.5% نموا بصادرات المعادن السعودية    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    مليشيات حزب الله تتحول إلى قمع الفنانين بعد إخفاقاتها    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    جدّة الظاهري    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ارتفاع مخزونات المنتجات النفطية في ميناء الفجيرة مع تراجع الصادرات    وزير الطاقة يزور مصانع متخصصة في إنتاج مكونات الطاقة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل    الأزهار القابلة للأكل ضمن توجهات الطهو الحديثة    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    وهم الاستقرار الاقتصادي!    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    %91 غير مصابين بالقلق    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    البحرين يعبر العراق بثنائية ويتأهل لنصف نهائي خليجي 26    التشويش وطائر المشتبهان في تحطم طائرة أذربيجانية    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    حرس حدود عسير ينقذ طفلاً مصرياً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    ملك البحرين يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمين الذي أصبح سفيرا .. المعلمي :المناصحة الشرعية مطلب ولاة الأمر والبيانات المخفية تبحث عن الإثارة
نشر في المدينة يوم 20 - 06 - 2011

دون أي مقدمات وجدت نفسي أحاور شخصية تمتلك ثقافة عالية ، ووعي معرفي لما يدور في المشهد العالمي في شتى القضايا السياسية والاقتصادية والإصلاحية ..إنه السفير عبد الله المعلمي ،وقبل ذلك أمين محافظة جدة سابقا ، لقد تحدث معي بشفافية وصراحة مطلقة ..وبلغة موضوعية ولم نجد في ثنايا سطوره محاولات دبلوماسية أو أراء عامة تحاول أن تهرب عن الموضوع الذي نتحدث حوله .
لقد تحدث عن العمل الدبلوماسي كأنه مشتغل في الفكر السياسي وليس عاملا فيه ، وكان يتخذ حيادية عادلة في مقولاته ..تحدث كمواطن عربي قبل أن يكون دبلوماسي أو سفير .
وفيما يخص الشأن المحلي لم يتردد في الإجابة عن كل سؤال حتى وإن كان فيه حرج أو ربما غير وارد في ذهنيته ..كالخلاف بينه وبين الأمارة أو الأسباب التي عجلت برحيله ..وهو ما نفاهما في هذا الحوار ،لا نريد أن نقلب الأوراق كلها ،بل ندع ذلك لتفاصيل الحوار
• كيف ترى العمل الدبلوماسي بعد تعيينكم سفيرا في بروكسل ، وقبل ذلك كانت لكم التجارب المحلية السابقة ؟
- العمل الدبلوماسي بالطبع يختلف عن نوعية الأعمال التي سبق أن مارستها، فنطاق العمل يقع في خارج الدولة وبالتالي فإن التعامل يكون مع شخصيات دولية وأجنبية وممثلي الدول المختلفة سواء التي كانت سابقاً في الاتحاد الأوروبي، أو لاحقاً بإذن الله في الأمم المتحدة حيث سيكون التعامل مفتوحاً على نطاق واسع من الخلفيات والمشارب والثقافات. وتختلف طبيعة العمل لأن العمل في هذه المرحلة يكون مع قضايا دولية وقضايا العلاقات الثنائية للمملكة العربية السعودية والدول التي نمثلها فيها، والتعامل كذلك مع مجموعة الدول العربية والإسلامية مع مجموعة الزملاء السفراء الذين نتعامل معهم. فمجال مثل الأمانة يكون نمط العمل فيه سريعاً ومتلاحقاً ومتعدد الوسائل، في حين أن نمط العمل في النطاق الدبلوماسي يكون أكثر هدوءاً، وإن كنا قد شاهدنا في الآونة الأخيرة مع التغيرات التي شهدتها بعض الدول العربية ودول المنطقة بشكل عام أن نمط العمل قد اختلف وتغير، ولكن بصفة عامة فإن العمل في مؤسسة خدمية مثل الأمانة يكون أكثر ضغطاً وأكثر حدة مما هو عليه في نطاق العمل الدبلوماسي. كذلك فإن كل الجوانب تختلف، بطبيعة الحال فإن الجانب الذي يظل موجوداً هو جانب العلاقات الإنسانية ففي كل نوع من أنواع العمل يمارس الإنسان شيئاً من العلاقات الإنسانية مع الزملاء ومع المرؤوسين ومع المجتمع الذي تتعامل معه ومع أي فرد تتصل به.
• كيف يساهم السفير في تغيير الصورة الذهنية ، خاصة وأن هناك صورة خاطئة عن المملكة لدى وسائل الإعلام الأوروبية والأمريكية؟
- نعم، وقد فوجئت عندما وصلت إلى أوروبا للعمل في هذا الموقع بمحدودية المعلومات المتوفرة عن المملكة للمواطن العادي في أوروبا. سبق أن عشت سنوات في الولايات المتحدة الأمريكية وأعلم أن المواطن الأمريكي بعيد عن الساحة الدولية ومعلوماته محدودة عن العالم الخارجي ، ولكني كنت أتوقع أن يكون المواطن الأوروبي أكثر إدراكاً وعلماً منه، خاصة في ظل الأوضاع الجديدة وثورة المعلومات والقنوات التليفزيونية الإخبارية.لكني فوجئت بمحدودية ما لدى المواطن الأوروبي من معلومات عن العالم العربي عموماً وعن المملكة العربية السعودية خصوصاً ونتيجة لمحدودية هذه المعلومات تتكون الصور النمطية الخاطئة. الدور الحقيقي للسفير هي المساعدة على إبراز الصورة الحقيقية لبلاده، ويتأتى له ذلك عن طريقه شخصياً وبواسطة أدائه الشخصي وسلوكه وتصرفاته وتعامله مع الناس، فإذا كان تعامله حميداً حسناً خلوقاً جاذباً فإنه يعطي انطباعاً جيداً عن بلاده، وإذا كان خلاف ذلك فإنه لن يحقق الهدف المنشود. كذلك فإن ذلك الهدف يتحقق عن طريق تعميق الجانب الإنساني والثقافي في العمل الدبلوماسي،أعتقد أنه ينبغي على جميع المنتمين للحقل الدبلوماسي عموماً التركيز عليها أكثر مما هو عليه الوضع حالياً. كثير من العمل الدبلوماسي يقتصر في الوقت الراهن على الجانبين السياسي والاقتصادي وعلى العلاقات الرسمية. أعتقد أنه ينبغي على السفراء وجميع العاملين في المجال الدبلوماسي أن يولوا قدراً من الأهمية للجانب الثقافي والإنساني في العمل. الشعوب تتعامل مع الرسالة التي تصلها ولا تتعامل مع الرسائل التي تصل إلى حكوماتها ولا بد لنا أن نصل إلى هذه الشعوب سواءً كان عن طريق الكتاب أو بواسطة اللوحة الفنية أو عن طريق الأنغام الشجية أو بواسطة الرسالة المباشرة للحوارات الشبابية أو بين الفئات المختلفة، هذا ما سعينا للقيام به في بلجيكا وفي الاتحاد الأوروبي وما ينبغي التركيز عليه في هذه المواقع وفي غيرها.
• بعض القضايا وبالذات الحقوقية داخل المملكة أخذت أبعاداً كبيرة في الإعلام الأوروبي فهل كان هناك حوار بينكم وبينهم؟ وكيف كنتم تتحاورون معهم في هذه القضايا؟
- لا نستغرب مثل هذا الاهتمام لأن العالم أصبح قرية والأحداث التي يشهدها أي موقع في العالم تنتقل بسرعة البرق إلى مختلف أنحاء العالم. عندما وصلت إلى بروكسل كانت القضية الساخنة في ذلك الوقت هي القضية التي اصطلح على تسميتها بقضية فتاة القطيف، كان هناك حراك داخل البرلمان الأوروبي في ذلك الوقت للخروج ببيان واطلعنا على مسودة ذلك البيان وكانت سيئة في مضمونها، كان لا بد علينا من تكثيف الجهد الشخصي المباشر مع أعضاء البرلمان والاتصال بهم لإظهار حقيقة الموقف بصورة عامة وتفريغ ذلك البيان الذي كان سيصدر من مضامينه التي يدسها فيه بعض الأفراد أو الجهات التي تكنّ شعوراً غير ودي تجاه المملكة العربية السعودية والعرب بصفة عامة، على سبيل المثال كان البيان يدين المملكة بسبب تلك القضية، فقلنا إنه لا يجوز ولا ينبغي أن تُدان الدولة بسبب هذه القضية مهما اتفقنا أو اختلفنا، وبالفعل تمكننا من التفاهم مع المسؤولين في البرلمان الأوروبي لتعديل العبارة بحيث أصبحت أن البرلمان الأوروبي يدين الحكم الصادر في القضية، قلنا لهم إن إدانة الحكم الصادر في القضية هي رأي ولكم الحرية في تحديد آرائكم، ولكن أن تسحب الإدانة على البلد بكاملها فهذا شيء غير مقبول وغير سليم، كذلك كانت هناك دعوة في البيان للمملكة العربية السعودية لتطوير نظامها القضائي وتحسين نوعية الإجراءات القضائية، فقلنا لهم إنكم تطالبون بشيء تم الإعلان عنه لأن الملك عبد الله حفظه الله كان قد أعلن عن برنامج شامل لتطوير القضاء، عندما علموا بذلك تم تصحيح العبارة لتصبح أنها تذكر بالتقدير الخطوة التي اتخذها الملك عبد الله لتطوير النظام القضائي وتطالب بسرعة تطبيقها. العمل الدبلوماسي يرتبط بجزئيات معينة لا تتأتى إلا عبر التواصل المباشر.
• نلاحظ أن الحملات الإعلامية أو آراء المنظمات الحقوقية والدولية دائماً ما تجعل القضاء والمرأة أوراق ضغط دائمة على المملكة العربية السعودية، ما هو تفسيركم لذلك وهل لدينا خلل في النظام القضائي أو خلل في التعامل مع المرأة؟
- في ما يتعلق بالقضاء فلا أستطيع أن أقول أو أتصور أن هناك من يقول إن لدينا خللاً في النظام القضائي ولكن لدينا برنامجاً لتطوير النظام القضائي، طالما أن هذا البرنامج التطويري موجود فهذا يعني حكماً أننا غير راضون عن الوضع الحالي وأننا نرغب في الوصول إلى وضعٍ أفضل من حيث وضوح الإجراءات أو تبويب الأحكام أو توثيق الوسائل المتبعة في التحاكم أو التأكد من إعطاء المتهمين الفرصة للدفاع عن أنفسهم وتمثيلهم والحفاظ على حقوقهم في مراحل التحقيق والمحاكمة ، كل هذه الخطوات مطلوبة ومرغوبة ونحن أول من يقول إنها جزء من برنامج يتم تنفيذه في الوقت الحاضر. إذا انتقد البعض عدم وجودها فهذا أمر يخصه، بالنسبة للمرأة فأعتقد أن وضع المرأة في المملكة العربية السعودية سيكون تحت المجهر بالمعيار العالمي، لأن وضع المرأة في المملكة لا تزال عليه بعض الملاحظات ونحن أول من يبديها سواء في فرص التوظيف أو في ما يخص وضعها بشكل عام فهذا الأمر سيظل تحت المجهر عالمياً إلى أن نراعي أوجه القصور التي يواجهها، طالما ظلت المرأة غير قادرة على ممارسة دورها بحرية في المجتمع فإن ذلك بطبيعة الحال سوف يظل موضع اهتمام ونظر في المحافل العالمية والمحلية على حدٍ سواء.
• هناك تقارير تصدر من منظمات أو جمعيات وهيئات دولية عن المملكة وتحمل جوانب سلبية، هل ترى من وجهة نظرك أنها بنيت على توجهات شخصية عدائية، أم أنها بنيت بسبب عدم وجود معلومات صحيحة؟
- لا أعتقد أنه من المهم أن ندخل إلى قلوب ونوايا من يصدرون هذه التقارير لنعرف من أي منطلق ينطلقون، ولكن الأهم هو أن نتعامل مع مضامين هذه التقارير، فإذا كان المضمون صادقاً وحقيقياً وجب علينا أن نعالجه وأن نتعامل معه، إن كان غير دقيق وغير صادق فيجب علينا كذلك أن نقوم بإصدار المعلومة الدقيقة والصادقة إلى الجهات التي تصدرها. المسؤولية تقع على عاتقنا بالدرجة الأولى في كلتا الحالتين، وينبغي أن نتأكد من وصول المعلومات الدقيقة والوافية، وأن نقوم بتصحيح أوضاعنا، إذا ثبت فعلاً أن هناك معلومات مبنية على معلومات صحيحة ووجيهة فينبغي علينا أن نتداركها ونحسِّن من وضعنا فيها.
• هل تعتقد أن هذه التقارير لم تُبن على أجندة سياسية معينة؟
- حتى وإن بنيت على أجندة سياسية ينبغي التعامل معها. ماذا يفيدنا إذا عزونا التقرير إلى جهات سياسية؟ التقرير يظل قائماً ومحتفظاً بقيمته القانونية. إضاعة الوقت في النظر وراء خلفيات التقرير وأهدافه وأجندته هو وسيلة في بعض الأحيان لصرف النظر عن التعامل مع القضايا الحقيقية التي يمكن أن يكون التقرير قد اشتمل عليها. أما إذا كان التقرير قد استمل على معلومات مغلوطة فهذا يدل على أننا لم نتمكن من إيصال المعلومات الحقيقة وأن لدينا قصوراً في هذا الجانب ينبغي علاجه.
• خلال الفترة التي عملت فيها كانت الثورات العربية مشتعلة وبعض الأنظمة تتهاوى. كيف ترى كدبلوماسي وكاتب هذا التغير في الشوارع العربية وتغير الأنظمة السياسية ؟
- من الصعب على المراقب أن يعطي جواباً مطلقاً ينطبق على كل الحالات. لكل حالة أوضاعها، ولكل دولة خصوصياتها ، الوضع في تونس يختلف عنه في البحرين والوضع في اليمن يختلف عن الوضع في مصر. لكن الأمر الذي يتفق عليه بصفة عامة هو أن المواطن العربي يطمح في أن تكون له فرصة أفضل، المواطن العربي بصفة عامة يريد أن يكون وضعه الاقتصادي أفضل مما هو عليه، ويطمح أن يكون مطمئناً للحصول على مصدر رزقه ومستقبل أبنائه وأن تحتفظ له بلاده بكرامته من الامتهان والإذلال، ويطمح في أن يكون له الحق لإيصال صوته وأن يكون له الحق في المشاركة في اتخاذ القرارات التي تمس حياته وتمس عيشه ورزقه ومستقبل أبنائه، هذا الطموح مشروع وبقدر ما تستجيب الأنظمة والحكومات والدول العربية لهذه المطالب فإنها ستعيش في وئام وأمن وسلام مع مواطنيها كما هو الحال في المملكة العربية السعودية وبعض الدول الأخرى، إذا وصل التناقش بين رغبات المواطنين وبين ممارسات الحكم حد الانفجار مثلما حدث في تونس وفي غيرها فعندئذ يصبح هذا النوع من الحراك طبيعياً ولا يستغرب، بل إن المستغرب هو عدم حدوثه في وجه ما نسمع عنه وما نعرفه من ممارسات تعسفية قامت بها بعض هذه الأنظمة تجاه مواطنيها.
• هل سيؤثر هذا التغيير على دول الخليج العربي ومن ضمنها المملكة ،أي محاولات ولو من باب التقليد والمحاكاة من الشباب؟
- لا أظن إمكانية حدوث ذلك وقد كتبت عن هذه الجزئية في أحد المقالات التي كتبتها وقلت إن الأنظمة الملكية في العالم العربي أثبتت رسوخاً وصلابة أكثر مما سواها. الأنظمة الأخرى التي بنيت على أساس سلطة الشعب وعلى أساس ادعاءات الديمقراطية وغير ذلك كلها انتهت إلى تسلط أفراد ليست لهم خلفية شرعية أو قانونية تؤهلهم إلى ممارسة هذا الحكم، في الدول العربية ذات المنهج الملكي هناك نظام حكم اكتسب شرعية تاريخية في كل دولة من هذه الدول واكتسب قبولاً عاماً من المواطنين.قد تكون هناك ملاحظات على أداء بعض الأجهزة الحكومية هنا أو هناك ولكن لم يكن هناك تذمر أو اعتراض على الشرعية الدولية الأساسية في معظم هذه الدول العربية التي تنتهج هذا النظام. في دول الخليج العربي على وجه الخصوص ومنها المملكة العربية السعودية فإن الوضع الاقتصادي المتميز الذي تتمتع به معظم هذه الدول ولله الحمد ساعد على عدم وجود الحرمان الكبير أو المعاناة الاقتصادية الشديدة التي عانت منها بعض الدول العربية الأخرى، نجد في المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى أن نوعية العلاقة بين الحاكم والمحكوم تختلف عما عليه الحال في بقية الدول الأخرى، هناك قنوات اتصال مفتوحة مع الحكام وصولاً إلى مقام خادم الحرمين الشريفين وأمراء المناطق الذين يمثلون ولي الأمر في المناطق المختلفة. هناك قدرة على التواصل وقدرة على التخاطب وشجاعة في إيصال الملاحظات مباشرة إلى المسؤول على جميع المستويات، لذلك فإن عناصر التذمر التي وجدت في بعض الدول العربية والتي تبدت في غياب الفرص الاقتصادية وغياب الكرامة الشخصية وعدم وجود الأمل في مستقبل أفضل. هذه العوامل الثلاثة غير موجودة ولله الحمد في المملكة العربية السعودية وغيرها من دول الخليج.
• ظهرت قبل فترة قصيرة بعض البيانات من شخصيات مختلفة مطالبة بالإصلاح في هذه المرحلة، كيف ترى هذه الظاهرة ؟
- أعتقد أن إصدار البيانات وتوجيهها للجهات المسؤولة من شخصيات معروفة ومشهود لها فإن هذا جزء من عمل المناصحة الشرعية التي يطالب بها ولاة الأمر، أما إصدار البيانات المبهمة أو إصدارها في الخفاء أو عبر قنوات غير شرعية بهدف الإثارة أكثر من الإصلاح فإن هذا الفعل بطبيعة الحال لا يصب في خانة المناصحة المطلوبة، أظن أنه من واجب كل مواطن إذا رأى فرصة للإصلاح أن يتعامل معها وأن يدل عليها وأن يلفت الانتباه إليها ويوجه رسالته التي تشمل مثل هذا الاقتراح إلى المسؤولين الذين يمكنه الوصول إليهم.
• عملتم أميناً لمحافظة جدة ، هناك من يرى أنكم واجهتم حملات قاسية من بعض الصحف وأنها هي التي عجَّلت برحيلكم من الأمانة ما تعليقك ؟
- لا أعتقد أن هناك ما عجّل برحيلي من الأمانة فقد تم تعييني بقرار ملكي لمدة أربع سنوات حسب النظام وقد أكملت الفترة بالكامل والحمد لله، لذلك لا أرى غرابة في أن أنتقل إلى مكان آخر لأؤدي دوري فيه ويأتي من يكمل دوري في الأمانة، أعتبر أنني حظيت بعلاقة ودية مع وسائل الإعلام في معظم الحالات وكنت سعيداً بالتفاعل مع الإعلام والإعلاميين وكنت أحاول دوماً أن أطلعهم على برامج الأمانة وخططها وأحاول دوماً أن استمع إلى مقترحاتهم وأفكارهم، أسَّست خلال فترة عملي في الأمانة لجنة تشاورية شارك فيها عدد من رجال الإعلام ولذلك أعتبر أن العلاقة في مجملها كانت ودية إيجابية، إذا كانت هناك بعض الأصوات التي سلكت غير هذا المسلك فإنني أعتبر أن ذلك جزءاً من «بهارات» العمل التي أعتقد أن على المسؤولين أن يتقبلوها في أي مكان لأنها تأتي كجزء من الوظيفة العامة.
• هل شعرت أن ما يكتب عبر وسائل الإعلام استهداف شخصي في بعض حالاته أو للمصالح الذاتية؟
- بطبيعتي لا أشغل نفسي كثيراً بهذا الأمر وكنت أقول وأكرر أن الإعلامي الذي ينتقدنا يهدينا هديتان، هدية فرصة الإصلاح إذا كان ما يقوله صحيحاً وفي هذه الحالة يعرفنا على وجه من أوجه الخلل وبالتالي نعرف كيفية التعامل معه، ويهدينا هدية ثانية إذا كان ما يقوله غير صحيح ويجعلنا نتعرف على سلامة موقفنا ومعلوماتنا ونشرحها له ومن خلاله للجمهور، لا أشغل نفسي كثيراً بالنوايا والأهداف وأرى أن ذلك من قبيل إضاعة الوقت ومن يفعل ذلك أراه مثل الغبار الذي تنفضه عن ثوبك وتواصل مسيرتك.
• هل فوجئت بإعفائك من الأمانة؟
- لم يتم إعفائي بل أكملت مدتي ومن ثم تم تعيين أمين جديد. هذا الوضع لم يفاجئني على الإطلاق لأنني عندما دخلت الأمانة دخلتها ونصب عيني تاريخ المغادرة. لم أدخل وأنا أتوقع أن يجدد لي ولم يكن في رغبتي أن يتم التجديد لي، دخلت إلى الأمانة لأداء مهمة في فترة مدتها أربع سنوات وانتهت المهمة مع نهاية الفترة ومن ثم عدت إلى بيتي. أعتبر أن هذا وضع طبيعي وحضاري ولا ينبغي التعامل معه بأي استغراب.
• لكنك أسست بعض المشاريع وعلى رأسها المخطط المحلي، وبالتالي كأنك غرست ولم تجن الثمار؟
- العمل العام مسيرة مترابطة ولا يمكن لشخص واحد أن يتوقع أنه سيكون موجوداًُ لجني كل ثمرة غرسها، نحن حصدنا ثمار بعض ما عمله أسلافنا ومن خلفنا سيجني ثمار ما غرسناه وهذه مسيرة الحياة وهي مستمرة ولا تتوقف مع شخص.
• حظيت بمكرمة غير التعيين كأمين لمحافظة جدة وهي كلمة تاريخية من خادم الحرمين لكم فكيف نظرت لهذه المكرمة وكيف تعاملت معها وأنت تغادر هذا المنصب ؟
- نظرت إلى الخطاب التاريخي الذي وجهه لي خادم الحرمين الشريفين وكان وقتها ولياً للعهد على أنه رسالة تاريخية يحمِّل فيها أحد المسؤولين مسؤولية الاهتمام بالضعفاء والمساكين والأشخاص غير ذوي الشأن والنفوذ والحيلة، أعتبر أن هذه الرسالة لم تكن موجهة لي فحسب بل كانت موجهة عبر شخصي لكل مسؤول في الدولة ولذلك حظيت بهذا الانتشار وهذه الأهمية، منذ أن وصلت تلك الرسالة الكريمة قمت بوضعها في إطار كبير وعلقتها في المدخل الرئيسي أمام كل بلدية فرعية وفي المقر الرئيسي للأمانة، طلبها بعض الزملاء من الأمناء لوضعها في مقرات عملهم لأنها موجهة لهم مثل ما هي موجهة لي.لذلك أعتز بهذه الرسالة الملكية وأحتفظ بها حتى الآن في صدر مكتبي وأفتخر بأنها وجِّهت لي وأنها كانت نبراساً أستمر في الاهتداء به والتقيد به في أي موقع أتولاه.
• هل كان لخلافكم مع الأمارة في تلك الفترة أثر في عدم التجديد لكم لفترة أخرى؟
- لم يكن هناك أي خلاف بيني وبين الأمارة على الإطلاق خلال السنوات التي قضيتها في أمانة محافظة جدة وكانت علاقتي مع سمو الأمير عبد المجيد يرحمه الله علاقة جيدة ومتميزة. كانت علاقتي به علاقة ثقة وتعاون ودعم مطلق ولا أذكر أنني جئت لسموه في أمر ولم يستجب لي فيه ولا أذكر أنني تلقيت من الأمير عبد المجيد أمراً أو توجيهاً يخالف الأوامر والتعليمات وهذا أمر مفروغ منه ولن يكون، ولم أتلقى منه توجيهاً يخالف التوجه الذي كنت أسير فيه، كانت علاقتي مع صاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد علاقة متميزة ووثيقة بطبيعة الحال تأثرت العلاقة في الفترة الأخيرة من فترة عملي بسفر الأمير عبد المجيد في رحلته العلاجية حفظه الله، ولكن بعد أن تركت الأمانة حافظت على الصلة والود به حتى وفاته رحمه الله.
• كيف رأيت كارثة سيول جدة وكيف كان وقعها عليك كمواطن وأمين سابق للمدينة؟
- بطبيعة الحال تألمت كثيراً لحدوث هذه الكارثة، خاصة للخسائر البشرية والإنسانية التي حدثت للمواطنين نتيجة للكارثة، آلمني أكثر شعوري بأنه كان بالإمكان تفادي هذه الكارثة الكبيرة لو تم اتخاذ بعض الإجراءات الاحترازية التي كان يمكن أن تتخذ من سنوات طويلة وللأسف لم يتم ذلك لأسباب عديدة ومختلفة ، لكن الحمد لله أن المسيرة تمضي في الطريق الصحيح وهناك إجراءات تصحيحية قام بها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وتم توقيع العقود اللازمة لتحقيق هذا الغرض وإن شاء الله سوف تؤدي إلى حماية مدينة جدة من مثل هذه الكوارث مستقبلاً.
• كنت أميناً سابقاً لمدينة جدة وبطبيعة الحال كان هناك استدعاء لكم في هذه اللجان فكيف كان ذلك ؟
- تمت دعوتي لمقابلة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وأعضاء اللجنة التي شكلت لتقصي الحقائق، كان سمو الأمير خالد الفيصل وأعضاء اللجنة كرماء في دعوتهم واستقبالهم وطرحهم وذكر لي سموه أن لديهم بعض الأسئلة والاستيضاحات التي يرغبون في الحصول عليها من واقع فترة عملي وخبرتي وكنت سعيداً جداً بإيضاح كل ما طلبه مني أعضاء اللجنة وتم ذلك في جلسة واحدة استمرت حوالي ساعة أو ساعة ونصف في إحدى المرات التي زرت فيها مدينة جدة.
• بصفتك كاتب صحفي فإن لك رؤية في الإصلاح حددتها فيما تكتبه ، ما أبرز ملامحها ؟
- أعتقد أن عهد الملك عبد الله سوف يعرف تاريخياً بعهد الإصلاح لأن خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله قد بدأ عهده بخطاب تاريخي وجهه لمجلس الشورى وتطرق فيه إلى أوجه الإصلاح الواجب اتخاذها وإجراؤها وهي عبارة عن مجموعة متكاملة من الخطوات التي يتم تنفيذها في الوقت الحالي، الملك عبد الله قاد مشروعاً لإصلاح القضاء وأعتقد أنه سيؤدي إلى تحقيق قفزة نوعية في هذا المجال الهام لأن القضاء من أهم المجالات وأكثرها حيوية لأنه هو المجال الذي يؤدي بالناس إلى الشعور بالمساواة والعدالة ونحن نعلم أن العدل أساس الحكم وأساس الملك في كل بلد، الملك عبد الله يحفظه الله قاد مشروعاً ضخماً للنهضة بالتعليم وقد رأينا آثاره الكبيرة في الجامعات الكثيرة التي انتشرت في الآونة الأخيرة ورأينا بعض نتائجه في التعليم العام ممثلاً في المدارس والمناهج وما تحظى به من دعم كبير وإن كانت هذه المسيرة ما زالت تحتاج إلى الكثير من الدعم والإسناد، شاهدنا مجالات متعددة من الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي في المملكة العربية السعودية كان من نتائجه أن الوضع الاقتصادي في المملكة حالياً هو وضع جيد، السبب لا يكمن فقط في زيادة موارد البترول وإيراداته وإنما بسبب الإجراءات الاقتصادية الصائبة مثل تحرير الاقتصاد وإزالة القيود منه وتخفيض الدين الحكومي وغير ذلك من الإجراءات. هذا العهد سوف يعرف بأنه عهد الإصلاح وسيشهد التاريخ للملك عبد الله بذلك. ما دمنا نتحدث عن الإصلاح فلا بد أن نقول إن وتيرة العمل الإصلاحي ربما تحتاج إلى مزيد من التسريع ومزيد من الدعم والدفع للأمام، في ما يتعلق بالإصلاح السياسي أظن أن تطوير مجلس الشورى وزيادة صلاحياته والعمل على تخصيص نسبة من أعضائه بالانتخاب المباشر ودعوة المرأة للمشاركة في عضوية مجلس الشورى فهذه من أكثر الإجراءات التي لا زالت تحتاج إلى مزيد من الدعم والدفع إلى الأمام، تطوير ممارسة العمل في مجالس المناطق والمجالس المحلية والمجالس البلدية فأعتقد أنها من الأشياء التي تحتاج إلى مزيد من الاهتمام، شاهدنا أول انتخابات بلدية قبل ست سنوات مضت وأعتقد أنه من الضروري أن نشهد انتخابات أكثر جودة في الفترة القادمة، وربما إعادة هيكلة لهذه المجالس وزيادة صلاحياتها ودعمها، في المجال الاقتصادي فإن وتيرة التخصيص تباطأت نسبياً في الفترة الماضية وربما يكون من المناسب تسريع تخصيص الخطوط السعودية وبعض المرافق الخدمية والمطارات والموانئ وغير ذلك من المرافق والمجالات. هناك كثير من الإجراءات التي تحتاج إلى تسريع وتيرتها ودفعها إلى الأمام.
• تم تعيينكم مندوباً دائماً للمملكة في منظمة الأمم المتحدة فكيف ترى هذا المنصب وما هي أبرز المهام التي يمكن أن يقدمها المنصب؟
- لا أراه سوى موقع آخر من مواقع العمل والأداء وأعتبر نفسي جندياً في أي موقع وأي مكان ولذلك أنظر إليه وإلى غيره من المناصب على أنها وسيلة وقناة أتشرف من خلالها بخدمة الوطن، منصب المندوب الدائم للمملكة في الأمم المتحدة يكتسب أهميته من أن المندوب الدائم يمثل المملكة أمام العالم، فأنت تمارس في مسرح العالم أجمع وفي مدينة نيويورك التي هي عاصمة المال والسياسة ومن أهم الدول في العالم، لذلك يكون المندوب الدائم مسؤولاً ومطالباً بإبراز الدور الذي يتسق مع مكانة المملكة العربية السعودية. أتمنى وأتطلع بإذن الله تعالى أن أتمكن مع زملائي في الوفد لأن يكون للمملكة حضور قوي في مرافق ولجان الأمم المتحدة وأن يكون حضوراً متميزاً يشار إليه بالبنان وأن يعكس المكانة الكبيرة التي تحظى بها المملكة العربية السعودية بصفتها قلب العالم الإسلامي ورائدة العالم العربي ومن كبريات الدول الاقتصادية في العالم ومنارة للفكر الإنساني والحضارة بشكل عام. أتمنى أن أوفق بإذن الله تعالى في أن يقوم وفد المملكة العربية السعودية بهذا الدور.
• هناك من يرى أن يتحول الحوار السياسي بين المملكة والدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية من الرسمي حوارا شعبياً وبين الثقافات وتقوم به شرائح معينة من المجتمع. ما هي وجهة نظرك في هذه الدعوة؟
- بصفتي الشخصية أدعو إلى تكثيف الحوار عبر القنوات الشعبية والإنسانية وأسميه بالتواصل الإنساني عبر مختلف القنوات عبر الشباب والقطاعات المختلفة والقطاع الإعلامي والفكري وبواسطة طلاب الجامعات وغيرهم من شرائح المجتمع. أظن أن هذا النوع من التواصل لا يقفل أهمية عن العمل الدبلوماسي وأدعو أن توفر له كل الاحتياجات وأن يتم دعمه بما يحتاجه من إسناد مناسب، لا ننسى في هذا المجال أن خادم الحرمين الشريفين أطلق دعوته المباركة لتشجيع الحوار بين أتباع الأديان المختلفة وهو بهذه الدعوة الشهيرة تجاوز حدود الدول وانطلق إلى أحد المكونات والركائز الأساسية للفكر الشعبي وهو الانتماء إلى الأديان والحوار بين أتباع هذه الأديان وقاد خادم الحرمين الشريفين مسيرة هذا الحوار بدءاً من مكة المكرمة وبعد ذلك انتقل الحوار إلى مدريد ومن ثم إلى الأمم المتحدة والآن انتقل الحوار إلى المركز الدولي الذي سيتم تأسيسه في فينا لحمل راية هذا الحوار والاهتمام به. لذلك أؤيد ما ذكرته من الاهتمام بهذا الحوار وتكثيف التواصل الإنساني والعمل على زيادة قنواته ووسائله والاهتمام بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.