جسّدت مسرحية “البرمائي” التي عرضتها فرقة “كيف” للفنون المسرحية الأسبوع الماضي على مسرح المكتبة العامة بجدة، العديد من القضايا الاجتماعية المهمة، واستطاعت أن تحظى بتفاعل الجمهور الكبير الذي حضرها. وهذا أول عرض للمسرحية وستتبعه عروض أخرى خلال الفترة المقبلة. فعلى أنغام أغنية “أنا راجع أشوفك” لصوت الأرض الراحل الكبير طلال مداح انطلق عرض مسرحية “البرمائي”، كاشفةً عن الكثير من القضايا الاجتماعية، المحلية، والعربية أيضًا. تدور أحداث المسرحية عبر فكرة حول شخص عربي يعيش في الأكاذيب من خلال برنامج إذاعي حواري يجمع المذيع (قام بالدور مخرج المسرحية ياسر مدخلي) والذي يستضيف “أبو شلاخ البرمائي” في مشهد روائي مقتبس من رواية “أبو شلاخ البرمائي” للأديب الراحل الدكتور غازي القصيبي، وقدّم المخرج ياسر مدخلي من خلالها تمازجًا، بأسلوب تهكمي لم يخل من الكوميديا، فالبرمائي (قام بدوه الممثل زياد السلمي) وبعد أن اندلق عليه فنجان القهوة قام مضطرًا بخلع ثوبه وليبقى مكشوفًا سوى من ملابسه الداخلية، والتعرية هنا تعني اسقاطًا غير مباشر، أراد المخرج توظيفه في حبكة المسرحية التي كان البرمائي بطلًا فيها، ذلك البطل الذي يرى نفسه داعمًا للثورات العربية، ولم يكتفِ بذلك فقط، بل إنه يتطرّق إلى موضوعات أخرى مثل قضايا الشعر الفصيح والنبطي، وظاهرة السرقات الشعرية والاسترزاق من الشعر، كما تتناول المسرحية بعض القضايا المحلية والتي بدأت تأخذ أبعادًا إعلامية في الفترات الأخيرة، مثل: قضية قيادة المرأة للسيارة، وقضايا تأخر الخدمات والمشروعات بل وتعثّرها في مدينة جدة، وهو ما ألمح إليه البرمائي مقارنةً بكوبري في جدة تستغرق مدة الانتهاء منه 5 سنوات مقارنة بجزيرة أقيمت على أنقاض ما دمّر في اليابان بمدينة ناجازاكي اليابانية التي أُطلقت عليها القنبلة الذرية إبّان الحرب العالمية الثانية واستطاعت أن تنهض من جديد على أنقاض ما دمّر وفي خلال عامين فقط، وأيضًا تناول البرمائي تناول قضية بيع المرأة لمستلزماتها النسائية بالإضافة إلى الكثير من القضايا الاجتماعية المهمة وفي مقدمتها الإرهاب بجميع أنواعه وفق ما أسقطه البرمائي سواء كان فكريًا أم دينيًا أم غيرها من أدوات الإرهاب والترهيب الأخرى. المسرحية لم تخل من بعض المداخلات من الجمهور خلال أحداثها، وهو ما انتهجه المخرج ياسر مدخلي في مسرحيته ذات الطابع التفاعلي، لتنتهي المسرحية بإطلاق البرمائي الرصاصة الأخيرة على رأسه ليودع قتيلًا داخل أستوديو الإذاعة. المسرحية شهدت العديد من المداخلات، منها ما ذكره المشرف التربوي عبدالكريم الكلي حول أهمية الاهتمام بالمسرح التفاعلي وتقديمه. فيما أشار الفنان المسرحي عبدالله الصايغ إلى ضرورة وضع الفواصل خصوصًا وأن حبكة المسرحية تتحدث عن برنامج إذاعي. في الوقت الذي أراد فيه المخرج السينمائي فيصل الحربي تفسيرًا لظاهرة غياب عنصر الحركة عن المسرحية والذي اعتبره عنصرًا أساسيًا فيها. بينما أبدى مدير فرع جمعية الفنون بجدة عبدالله التعزي ملاحظاته حول نزول المسرحية إلى الجمهور بعيدًا عن خشبة المسرح وهي المكان المعتاد عليه لأي عرض مسرحي كما أبدى ملاحظته بغياب التكنولوجيا عن المسرحية. الجدير بالذكر أن فرقة “كيف” للفنون المسرحية تستعد للمشاركة بهذه المسرحية في مهرجان الفرق الخاصة الذي سيقام خلال الأسابيع القريبة المقبلة. مسرحية “البرمائي” عن نص مسرحي مستوحى من رواية الأديب الراحل الدكتور غازي القصيبي حيث كانت نتاج ورشة في الإعداد المسرحي للرواية بتنسيق المدير الفني لفرقة “كيف” الفنان محمد بحر ودراماتورجيا ياسر مدخلي ويلعب بطولة المسرحية زياد السلمي. المخرج مدخلي أكد من جانبه أن اختيار هذه الرواية لتحويلها إلى مسرحية كان وفقًا لتوجّه الفرقة الذي يسعى منذ تأسيسها إلى إنتاج أعمال توازي بين الجماهيرية والنخبوية لتحقيق أهداف عديدة، منها: تغيير الصورة الذهنية المهزوزة عن المسرح فالجمهور والمسؤول لا يثقان فيما يُقدَّم ولا يهتمان لهذا الفن كما يجب.