اللقاء الذي جمع معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة وسعادة وكيل الوزارة للشؤون الثقافية الدكتور ناصر بن صالح الحجيلان بأعضاء لجنة الإشراف على انتخابات النوادي الأدبية الذي انعقد بجدة ليلة الاثنين 4/7/1432ه، كان لقاءً حميمياً وشفيفاً إلى أبعد مدى، ورغم أنه لم يتجاوز ساعتين، إلا أنه شمل معظم قضايا الثقافة والأدب الملحة في المملكة وفي مقدمتها بالطبع انتخابات النوادي الأدبية التي تجرى للمرة الأولى بشفافية عالية وانضباط تام وقواعد دقيقة صارمة، وقد أتاح كل من معالي الوزير وسعادة الوكيل الفرصة لكل أعضاء اللجنة الحاضرين ليفضوا بما في أنفسهم حول كل القضايا، واتفق الجميع على أن تجربة الانتخابات في نادي مكة الأدبي كانت ناجحة بكل المقاييس بمعزل عما إذا كانت نتائجها قد أرضت الجميع أو لم ترضهم، لأن من قَبِلَ بالقواعد فعليه أن يقبل بالنتائج، ولأن الانتخابات في أي شأن -ثقافياً كان أو غير ذلك- لا يمكن أن ترضي جميع الأطراف، ولكن يجب أن يقبلها كل الأطراف مهما كانت نتائجها، إن كان نزيهة وشفافة. وأكد وزير الثقافة والإعلام في هذا اللقاء المتميز أن البناء الثقافي لا يقوم بالإملاءات، بل يقيمه المثقفون أنفسهم، وعليه فلابد من أن تكون لنا رؤية واسعة لبناء مسيرتنا الثقافية بالطريقة الصحيحة، وكيف نقننها ونجعلها في الأطر الصحيحة، ويدخل في ذلك بالطبع شأن انتخابات الأندية وموضوع المراكز الثقافية، إذ لابد من الجلوس إلى المثقفين والتفكير معهم بصوت عالٍ بشأنها. وأكد معاليه أن تجربة الانتخاب في نادي مكةالمكرمة كانت تجربة ناجحة بكل المقاييس إذ أجري الانتخاب بطريقة صحيحة، وترتب عليه مشاركة المرأة لأول مرة – وكان ذلك حلماً كما ذكر معاليه – وهذه المشاركة ستصبح قاعدة بطريقة مقبولة مستحسنة غير مستهجنة. كما أكد معاليه أنه سيكون هناك لقاء ثقافي موسع بعد رمضان القادم إن شاء الله لمناقشة القضايا الملحة في الشأن الثقافي، ومنها أن تَحِلَّ المراكز الثقافية محل النوادي الأدبية أولاً، وسيكون الرأي في ذلك للمثقفين أنفسهم، والقرار قرارهم. إذ ستناقش كل القضايا من كل الأوجه، وأكد معاليه مراراً في حديثه على أن الوزارة لا يمكن أن تتخذ القرارات في الشأن الثقافي وحدها ومن داخلها بل لابد من التفاهم مع المثقفين والتشاور معهم لتكون المسؤولية مشتركة. ثم تحدث وكيل الوزارة للشؤون الثقافية وشكر معالي الوزير على إشراك المثقفين في قرارات الوزارة القادمة، وأكد أن أعضاء لجنة الإشراف على انتخابات الأندية الأدبية يمثلون خبرات متعددة في المجالات الثقافية والأدبية كافة. خصوصاً أن كثيراً منهم من كُتّاب الرأي الذين يديرون دفة الثقافة في البلاد. وبعد أن عرّف سعادته بالحاضرين أكد مجدداً نجاح تجربة انتخابات نادي مكة التي تمخض عنها تمثيل كل الأطياف والفئات الاجتماعية والفكرية، واختلاف الأعمار كذلك، ومشاركة الأخوات كما بين معالي الوزير. ثم سئل معالي الوزير عما يتردد من الخوف من فوز تيار معين، فأجاب معاليه: إننا نترك الفرصة للجميع، والانتخابات هي التي تتكلم، وبدون ذلك لا يمكن أن نتحرك، وتجربة مكة ناجحة لأنها جمعت مختلف الاتجاهات، وأنا: (لا أؤمن بالإقصاء) كما قال معاليه، والثقافة تمثل المجتمع بجميع اتجاهاته. وقد أكد بعض الأعضاء أنه يجب على أعضاء اللجنة أن يكونوا محايدين تجاه أي توجه أو تيار وأن يكونوا على مسافة واحدة من الجميع، وأن يكونوا نزهاء. وأكد بعضهم الآخر أن هذه الانتخابات فرصة لقيام مصالحة بين كل التيارات. وذكر بعض المداخلين من الأعضاء أن الفترة السابقة شهدت وجود ظواهر كالشللية والمناطقية في بعض الأندية كما يعلم الجميع بسبب قرارات يعلمها الجميع أيضاً، ومن المتوقع أن تشهد الأندية تحولاً نوعياً كما حدث في مكة. وهذا التحول النوعي كما أكد وكيل الوزارة يحتاج إلى تقويم خلال سنة لقياس مؤشرات النجاح في الإدارات الجديدة مثل عدد المحاضرات وموضوعاتها وعدد الإصدارات وموضوعاتها، ويمكن للجنة الإشراف أن تشارك في التقويم وعما إذا كان الأعضاء القدامى سيُرشَّحون في الانتخابات، ذكر الوكيل أن هناك ثغرات في اللائحة تسمح بدخول بعض القدماء، ولكن معظم القدماء لم يُرشَّحوا كما حدث في مكة، وأشاد معالي الوزير بموقف معالي الدكتور سهيل قاضي رئيس نادي مكة الأدبي الذي انسحب من الانتخابات. وأعلن عن عدم رغبته في الترشح لإتاحة الفرصة للدماء الجديدة وللمثقفين والمثقفات على اختلاف توجهاتهم أن يتقدموا وأن ينالوا ما يستحقون بعدالة ونزاهة. وموقف د. قاضي هذا الذي جاء في باكورة انتخابات النوادي هو ولاشك مثل يحتذى، ورسالة متعقلة لكل الأعضاء الحاليين بمن فيهم الرؤساء ونوابهم أن يتيحوا الفرصة للمثقفين الذين لم يشاركوا من قبل لخدمة الثقافة من خلال الأندية. وتدل كل المعطيات والمؤشرات على أن النوادي الأدبية في كل المناطق بحاجة إلى التغيير الإيجابي بالإفادة من الانتخابات الحرة التي تعتبر بحق إنجازاً تأريخياً لوزارة الثقافة والإعلام ومثلاً يحتذى في الوزارات والمؤسسات الأخرى.