الأحداث في سوريا الشقيقة أثبتت أن حديث المبادئ جميل وشيق وليس عليه (جمرك)، حتى إذا أطلت الحقائق وخرجت الجماهير إلى الشوارع مطالبة بحقوقها الأساسية الأولية برزت إلى السطح أحاديث التدليس والتبرير والخداع، ورُفعت الشعارات القديمة المهترئة التي أكل عليها الزمن وشرب، ولم تعد صالحة حتى في أشد الأنظمة القمعية الأجنبية مثل كوبا وبورما وغيرها. هكذا يبرر أمين عام حزب الله حسن نصرالله ما يجري في سوريا اليوم من قمع للجماهير الغاضبة المسلوبة من أبسط حقوقها. هكذا تدوس مصالح الحزب الضيقة على المبادئ التي نادى بها حسن نصرالله نفسه حين اشتعلت ثورة الياسمين في تونس وثورة ميدان التحرير في مصر. بالأمس يدعو نصرالله الجماهير الثائرة على الظلم في تونس ومصر على الاستمرار في الحشد والتأييد للثورتين المباركتين. أما اليوم فهو يحذر من الخروج على القيادة (الحكيمة) في سوريا لأن المآل في نظره هو تقسيم المنطقة الذي سيبدأ بسوريا ولن يتوقف عند (السعودية). شنشنة المصالح طغت على كل منطق، فورطت الألسنة ودفعتها إلى البوح بحقيقة ما يجري في كواليسها الخفية من شد وجذب وخوف وقلق على مصير غامض بالنسبة لها إن سقط النظام البعثي المستبد في دمشق. هذه الثورات تكشف فعلاً كثيراً من العورات.. عورات ظلت مستترة زمناً طويلاً تحت أردية من الشعارات التي تم تسويقها بإحكام وخبث ودهاء لتنطلي حتى على الطيبين والشرفاء والصادقين! نصرالله يحذّر من تقسيم سوريا في حين يلعب نصر الله الدور نفسه في لبنان، بل ما هو أشد فالعاصمة بيروت نفسها واقعة تحت طائلة التقسيم بفضل الجغرافيا التي يدعمها ويؤيدها نصرالله، فالحزب غالب على المنطقة الجنوبية من بيروت، بينما الحديث عن إيران الخميني وإيران الثورة غالب على اللغة الحزبية لنصرالله. تغيير النظام في دمشق، قد يعني تغيير قواعد اللعبة تماماً في لبنان، ربما تراجعت بعض المواقف وتوارت كثير من العنتريات، وحتماً سيغير الله من حال إلى حال. [email protected]