«يا لسوء من قدر له أن يكون وزير صحة»، هذا الكلام ليس لي وإنما للراحل الدكتور غازي القصيبي رحمه الله - الذي شغل مناصب عدة من بينها وزير للصحة.. استحضرت هذا العباره أثناء لقائي بالدكتور أنور حسين مدير مستشفى العيونبجدة بالنيابة وهو يتحدث عن الوضع الصحي ومعاناته التى لا تنتهي ولا تقتصر على منطقة أو قطر أو إقليم أو دولة، فالعالم كله في صراع مستمر معها. وجاءت الأمنيات بمستوى طبي راقٍ ومتقدم داخل أسوار مستشفى العيونبجدة، ليس من المرضى والمراجعين كما هي العادة، وإنما من إدارة المستشفى نفسها. «المدينة» زارت المستشفى والتقت عددا من المرضى والمراجعين.. كنا نتوقع كمًّا هائلا من الشكاوى عن سوء الاستقبال والمعاملة، المواعيد، العناية والرعاية الصحية، انعدام متابعة حالات المرضى، وغيرها الكثير الكثير من المشاكل ذات الصله بالوضع الصحي، ولكن لم تأت مثل هذه الشكوى سوى من مريض واحد كان متذمرا لعدم متابعة مريضه والاهتمام به. أما بقية المتحدثين فقد أبدوا رضاهم التام عن خدمات المستشفى وتعاون القائمين عليه، بل أشاد كثيرون منهم صالح العلياني (مراجع) بمستوى الخدمة وسرعة معاينه الحالات وإجراء العمليات ودقة المواعيد. مستوى ممتاز أبوفهد العنزي (مرافق لمريض) يقول: «أتمنى أن تكون الخدمات الصحية في المستشفيات الأخرى حكوميه أو خاصة، في مستوى مستشفى العيون». في صالة انتظار المراجعين بقسم الرجال كان العدد محدودا ومقبولا، بعكس القسم النسائي الذي كان مكتظا ومزدحما رغم إشادة العديد منهن بمستوى الخدمة والتعامل الراقي من المستشفى بكل أقسامه إدارة وأطباء وممرضين. نبهونا بقصورنا توجهنا إلى مدير المستشفى بالنيابة الدكتور أنور حسين الذي طالب في بداية اللقاء بتواجد أكبر للصحافة للوقوف على القصور وإيضاح السلبيات «كي نحاول تفاديها»، مؤكدا أن «النقد والتوجيه ومتابعة الوضع الصحي ومستوياته وملامسة أخطائه يقود للنجاح الذي نسعى له دوما». وأكد أن التقصير موجود ومستوى الخدمة التي يقدمها المستشفى دون المطلوب، وأقل مما يطمح إليه، لافتا إلى أن «النظام مساهم في ذلك، فساعات العمل وعدد العمليات التي من المفروض أن يقوم بها الطبيب متروكة للاجتهاد، وحسب ما يقرره هو بنفسه، ومن الواجب تحديدها بعدد معين ومتابعة أدائها والمحاسبة في تجاهل ذلك وفق آلية عمل منظمة ومتطورة. نقص الكادر المؤهل وحين سؤاله عن أبرز ما يواجهونه من صعوبات، أجاب: إن نقص الكادر الطبي المؤهل عقبة كبيرة على الطريق في الوقت الذي نشهد زيادة في عدد السكان (نقص هنا وزيادة هناك)، وهذه معضلة كبرى. أسباب طول المواعيد وردا على سؤال عن المواعيد ولماذا تصل لشهور، أجاب: «بعض الحالات تحتاج لذلك لعدم وجود أخصائيين أو استشاريين، أما ما يمكن القيام به فيتم إنجازه خلال مدة مقبولة، مع مراعاة الحالة المرضية والتي نأخذها بعين الاعتبار. وبين أن كثيرا من المرضى يأتي من مناطق خارج جدة كالقنفذة والليث، وما إلى ذلك، والمستشفى له قدرة استيعابية محدودة وتلك صعوبة أخرى نواجهها. البرج الطبي وعن رأي وزارة الصحه تجاه هذا النقص، أجاب: «هناك مخاطبات واجتماعات متكررة ومتوالية، والوزارة على اطلاع وعلم تامين بذلك، وكان نتاج تلك الجهود أن قررت الوزاره إنشاء البرج الطبي إلا أنه ورغم مرور عامين أو أكثر لم يرَ النور بعد، ولا أدري ما الأسباب وراء توقفه، هل أصبح من المشاريع التي يجب أن تنسى؟ أنا لا أملك جوابا رغم أننا اسبشرنا به خيرا ، وهو من الضروري بمكان». حالات من خارج جدة وتساءل د. أنور عن دور أطباء العيون في مستشفيات مدن مجاورة، فالحالات القادمة من خارج جدة كثيرة، وذكر أن فريقا طبيا من المستشفى مكون من مجموعة متبرعة تكونت من إداري وأطباء وفنيين زار محافظه القنفذة، وأجرى العديد من العمليات الجراحيه هناك، وكان العدد أكبر من المتوقع بكثير. وأردف قائلا: هذه البادرة الحسنة والتي قمنا بها من منطلق إنساني لوجه الله تعالى ولا نريد من ورائها جزاء ولا شكورا، وجدت الشكر والإعجاب والتقدير من الوزاره ممثلة في الشؤون الصحيه بمنطقه مكةالمكرمة، وعلى إثرها قررت مكافأه للفريق الطبي المتبرع إلا أنها اصطدمت بالبيروقراطية الإدارية كون الفريق لم يكلف رسميا، وأصبحت في طي النسيان، وهنا نحن لا نطالب أبدا بهذه المكافأة لأن ما قمنا به هو من الأساس تبرع وفق ما يمليه علينا الضمير الانساني، ولا نرجو إزاء ذلك مكأفاة إلا من الله». وتمنى أن تكون هناك مبادرات على غرار ما تقوم به المنظمات الإنسانية عبر جوالات مناطقية لملامسة واقع المرضى وتقديم العلاج لهم إحساسا منا بمعاناة الناس. وحول وضع الكادر السعودي في المستشفى، أكد سعودة أقسام التمريض والأشعة والمختبر بنسبة 100%، أما الأطباء والأخصائيون والاستشاريون، فنسبة السعوديين في حدود 10 % تقريبا، ونتمنى زيادة هذه النسبة بتوفر الكادر الطبي المؤهل.