مما يثير توجس الممانعين وقوف عدد من المعروفين بعلاقتهم الوطيدة المعلنة مع الدوائر الغربية وراء هذا المطلب، وهو توجس له محله من الصحة، وذلك حين يقترن بمعرفتنا أن قيادة المرأة للسيارة تعد في أول القائمة من مطالبة المؤسسات الحقوقية الدولية، بل البرلمانات العالمية. والمجتمع مجتمع حر لا يظن أن هذه الدول التي قامت على استعباد الناس يمكن أن تسخر نفسها لغير خدمة نشر قيمها ولو أنها وجدت في قيادة المرأة للسيارة في بلادنا مفتاحًا لنشر قيمها بيننا لما تحمست له كل هذا الحماس ولما جندت له بعض أبنائنا وبناتنا وجعلتهم على تواصل معها في هذا الشأن وفي غيره من شؤون دس الأنوف فيما لا يعنيهم. هكذا يقول بعض الممانعين، فما على المطالبين المخلصين لو أنهم قدموا بين يدي مطالباتهم استنكار تدخل المؤسسات الأجنبية في هذا الشأن ونددوا بكل شخصية عرفت بالتعامل مع الدوائر الغربية في سبيل الضغط على وطنها. لو فعل المطالبون ذلك لحققوا قدرا مهما في سبيل زيادة مصداقيتهم. أما الحال الآن فهو تقديم أسمائهم في قائمة المطالبين ونقل مقولاتهم في تبني القرار واعتراضهم على الأنظمة وردهم على المسؤولين. فكيف سيقبل المجتمع مطالبةً هؤلاء روادها. من المفاسد التي يخشاها الممانعون من قيادة المرأة عدم تطبيق الضوابط المقترحة لقيادتها سيرًا بها مسار ضوابط الإعلام وضوابط قيادة الرجال وضوابط عمل المرأة في المستشفيات، ومنع التدخين في المؤسسات الحكومية والأماكن العامة والعديد من مواد نظامي الإجراءات الجزائية والمرافعات والعديد العديد من الأنظمة والتوجيهات والتي تعاني مما يصفه البعض إهمالا متعمدًا. إن هاجس أن تلاقي ضوابط قيادة المرأة للسيارة هذا المصير لا يمكن التغافل عنه، وإن اعتبار بعضهم هذا الأمر غير منطقي هو الاعتبار غير المنطقي إذ إن المنطق يرفع كثيرًا من قيمة التجارب الإنسانية، وإغفال تجارب محلية مشاهدة دون إعطاء نواقض مقنعة لأوجه الاختلاف هو بعينه ما يسميه المناطقة بالمصادرة. إذا فالحل هو أن نقف يدًا واحدة في سبيل الدفاع عن كل ما هو مقرر نظاما من مواد وضوابط ملحقة بهذه المواد، والسعي في اتجاه واحد وراء تطبيقها حتى يثق كل مواطن بما يُسن من أنظمة ويعلم أن مصيرها التنفيذ الحتمي وأنه لا وجود في بلادنا لنظام غير معمول به من أدنى المستويات إلى أعلاها. كما نسير معًا لدحض كل تعميم أو إجراء داخلي يتعارض مع الأنظمة وضُع لتبرير المخالفات والالتفاف على القوانين. عند ذلك لا أعتقد أن أحدًا سيعارض وضع ضوابط لقيادة المرأة مستبطة من النصوص الشرعية والأعراف المرعية، ومن ذا يُعارض وهو يعلم أن وراء اختراق هذه الضوابط خطر القتاد. وليكن من هذه الضوابط ما يدرأ خوف تعطلها في الطريق دون معين وخوف مخالفة الشرع بسفرها وحدها وخوف سوء تعاطي الجهات المسؤولة عن المرور معها وخوف استغلال الرجال لقيادة المرأة للسيارة لإلقاء المسؤوليات التي أناطها الشارع بهم عن المرأة عن عواتقهم مما يساهم في المزيد من ظلمها واستغلالها. وليدخل في مشروع قيادة المرأة للسيارة مشروع التأهيل الأخلاقي للشباب والشابات وذلك بفتح المجال أمام الدعوة والدعاة كي يستخدموا الوسائل الحديثة في جذبهم ومحاولة تربيتهم وتعليمهم فضائل غض البصر والعفاف والحياء وهي فضائل تشهد مراكز الشرطة وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنها تشهد انحسارًا سيئًا بين الجنسين من الشباب، لأسباب كثر لا بد من الإحاطة بها ومنها وسائل الإعلام المنحطة وعالم الإنترنت الخفي والذي لا يشهد استخدامه رقابة أسرية كبيرة بسبب حجم الانفتاح والتنوع الذي يشهده. كما أن شركات الاتصالات في بلادنا للأسف لا تضع رعاية الأخلاق والخصوصية الاجتماعية في اعتبارها حين تقر ما تقره من خدمات وحين تحجب ما تحجبه منها، مع استثناء ما يشهده حجب المواقع الإباحية والمخلة بالآداب من نشاط تشكر الجهات المسؤولة عنه ويرجى منها المزيد في اتجاهه. أعتقد أن الطالبين بقيادة المرأة للسيارة قد انتظروا 82 سنة منذ أعلن عن تأسيس الدولة حتى اليوم، ولا أعتقد أن هناك مانعًا أن يصبروا سنوات قليلة نعمل فيها معا لتحقيق الطموحات المتقدم ذكرها ثم نقف سويًا لندشن أول حركة مرور نسائية في جو ملؤه الحب والوئام وليس جوًا ملبدًا بالشحناء والشك والخصام.