قال تعالى: (وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً...).. (الكهف: 54). حين تأخذ مسألة قيادة المرأة للسيارة هذا الزخم الإعلامي والجدل العاصف وجعلها قضية يتمحور حولها آراء الرأي العام في حراك جدلي مجتمعي متتابع على فترات زمنية متعاقبة، تفسر بالطعم لاصطياد الآراء لمعرفة كيف يفكر هؤلاء القوم، وأي مستوى من التفكير الناضج أو السلبي وصلوا إليه، وأي المسارات يمكن لمثل هذا المجتمع الدخول من خلاله؟!. ونحن من فضل الله علينا (كيان سعودي متكامل)، لا نخشى في الله لومة لائم، لذلك وجوهنا بيضاء وأفعالنا تؤدى بأيدٍ بيضاء، وسرّنا كجهرنا، وهذه صفات المؤمنين، لم يُترَك المؤمن في هذه الحياة هامشياً أو سائباً، فالإنسان من أكرم المخلوقات وأعزها، لذلك هناك منهجية وضوابط ومبادئ وقيم تعنى به وتهذب مساره وتقيم أفعاله، قيادة المرأة للسيارة مباحة ولكن السؤال أين تقود؟! وفي أي مناخ بيئي اجتماعي؟! وفي أي مسار؟! مثلاً نرى القطط والبغال يقودون العجلات والدراجات في السيرك إن دربت، وأيضاً في بعض الدول الكلب يقود الأعمى..! القيادة في حد ذاتها ليست معضلة ولكن المسار إن لم (يتوافق) مع الأصل والمبدأ فالتوجه والمنهجية (خاطئة) وبذلك يكون الرفض تلقائياً لأنه أمر يخالف الفطرة السليمة والمسار الصحيح، مثلاً إيداع الأموال في البنوك أمر جائز، أريد أن أحفظ أموالي، ولكن المسار الربوي مثلاً أو غسيل الأموال والاستثمار بأموال الناس و... و... هذه وغيرها كثير مسارات خاطئة جنحت عن الأصل فيها، أهواء الناس وأطماعهم، لذلك يجب أن يكون هناك انضباط وضوابط (شرعية) قانونية حقوقية، اجتماعية... إلخ، حتى نحفظ للناس حقوقهم (ولا نتجاوز) من أجل نعرة قبلية أو نزوة شخصية..! فنخلط بين الحلال والحرام من أجل توافه دنيوية أو رغبات شخصية والخالق عز وجل قال: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)، ذلك لكي لا يكون للناس حجة على الله، وهذا لا يعني أن الحياة سوف تمضي دون كد ونكد وكدح وكبد وتعب ونصب، فذلك وأكثر من ذلك لابد منه طالما نحن على قيد الحياة، حيث (العمل) والجنة قد حفت بالمكاره، فصبراً جميلاً أيها الإنسان، إذ لابد من شتى أنواع المكاره، وفي شتى مناحي الحياة، وهذا لا يفوت سيدات مجتمعنا الفاضل، مهما كبرت آمالنا وتطلعاتنا وإن حظينا بكل شيء، حيث ترتقي المرأة السعودية عن مزاحمة الرجال وعن الاختلاط بهم وإن وصلت إلى أعلى المناصب، حيث المرأة أرق وألطف من أن تغدو رجلاً، فهي الأجمل بأنوثتها، وهي الألطف والأطوع باحتمائها بالرجل، حيث تشعر بأمنها وأمانها، ولا تنفرد بتصرف منحرف عن المسار؛ إلا امرأة فقدت مصداقيتها مع ذاتها، وثقتها بنفسها، لتلقفها يد باغية، تصور لها الباطل حقاً، حتى إن تمكنت منها قذفت بها للانفلات والندم. إن الجسد الطاهر، المرأة المصون، تربأ بنفسها من أن تزج بتفكيرها في متاهات المجهول، ذلك أنها واثقة الخطى، تقدر لخطوتها مسارها الصحيح، في مكانها الصحيح اللائق بها كامرأة تعتز بدينها وحشمتها وحياؤها وصونها وسترها وعفافها مهما كانت المغريات والمتغيرات.. فتلكم ذاتها الحقيقية وخصوصيتها الأرقى ورسالتها الأهم، وأدوارها الفاعلة بالخير والمؤثرة بالطهر والنقاء.. وعن ثقة الرجل بها فهي من فضل الله تعالى لا حدود ولا حصر لها لدرجة خوفه عليها من أن يلامس مشاعرها ما يؤذيها، فنراه يحرص على حمايتها ويبارك مسارها.. وعنها هو أهم ما بحياتها وجوده بجانبها، معززاً ومسانداً خطواتها، وراعياً أميناً لحياتهما معاً، أمنتهُ وتأمنه مهما أحدثت ومهما كانت تقلبات الزمان. إضاءة: إذا كنت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم..!