غلاء الأسعار من الأمور لا يمكن التفاوض حولها، أو التسامح مع محتكري البضائع من أجل رفع سعرها، والتلاعب بالأسعار من الأمور المذمومة شرعا ونظاما، وإن الذي يكتوي بنار ارتفاع الأسعار هم الفقراء ومتوسطو الدخل، وإن الذي يعرف مقدار تفاوت الأسعار وارتفاعها هو الذي يشتري بنفسه وينتقل من دكان إلى آخر بحثا عن السعر الأقل، أما الطبقة المخملية والتي ترسل سواقيها وخدمها لجلب متطلبات المنزل فهم لا يهمهم ارتفاع الأسعار بل قد لا يعلمون عنها إلا من خلال وسائل الإعلام ! وصحفنا المحلية قامت بدورها في الكشف عن تلاعب بعض التجار بالأسعار، وتشكر على ذلك، وبخاصة صحافة المنطقة الغربية من بلادنا الغالية، ولعل من المبررات الكثير حول هذه النقطة، ولكني سوف أوضح بعضا من تلك المبررات حسب ما أعتقد: إن المنطقة الغربية هي المنطقة الوحيدة التي تظهر فيها الطبقات المعيشية الثلاث بشكل واضح، ففيها الطبقة ذات الغنى الفاحش، وفيها الطبقة المتوسطة التي تعيش كفافا وتميل غالبا للاستهلاك المفرط تبعا للدخل الشهري، وفيها الطبقة الثالثة الفقيرة والتي قد لا تجد قوت يومها، ويرجع هذا للكثافة السكانية التي لا تنكر والتنوع الاجتماعي المتعدد، الأمر الآخر والأهم هوأن المنطقة الغربية يقع فيها الحرمان الشريفان، وتتوافد إليها حشود المسلمين من أصقاع الدنيا، وتزداد هذه الحشود المسلمة في شهر رمضان وموسم الحج، وضيوف الرحمن يأتون أيضا بالطبقات الثلاث نفسها وفي نظري أن الغالبية هم الطبقة الدنيا، والشاهد أن بعضهم كان يسكن تحت الكباري ويتسولون، ومظاهرهم أيضا توحي بذلك، أما الذين يسكنون فنادق الخمسة نجوم فهم قليل إذا قورنوا بالملايين الوافدة إلى الديار المقدسة، وعلى هذا فإذا لم تقم صحافة الغربية بواجبها تجاه ضيوف الرحمن وتحميهم من جشع بعض التجار، فمن سيقوم بذلك ؟! ومن هنا كان للسلطة الرابعة في المنطقة الغربية دورها البارز في محاربة تلاعب بعض التجار بالأسعار، وفي هذا المقام كم سررت بما نشر في الصحف المحلية من عقوبات تجاه التجار المتلاعبين بالأسعار، ومع هذا يوجد ضعف واضح في الرقابة على التجار الجشعين، والدليل أنك تجد تفاوت الأسعار من محل إلى آخر وقد لا يفصل بين المحلين إلا بضعة أمتار. وأخيرا أود التذكير: بأن الصحافة هي نبض الشارع .. الصحافة صدى للواقع المعاش .. الصحافة رنين السعداء وآهات المكلومين .. الصحافة هي من تكشف حبكة الليل .. الصحافة هي من تنشر ألاعيب الماكرين على حبل الحقيقة فوق صخور المجازفة.