يشير تجدد الاشتباكات بين المسلّحين المناصرين للشيخ صادق الأحمر، والقوات الحكومية الموالية للرئيس علي عبدالله صالح بعد هدنة هشّة لم تدم طويلاً، وتطوّر الأحداث في زنجبار عاصمة محافظة أبين، وتحوّل العديد من مناطق اليمن إلى ساحات لمعارك عنيفة تستخدم فيها كافة أنواع الأسلحة ، وما رافق ذلك كله من سقوط عشرات القتلى والجرحى في المظاهرات التي شهدتها العديد من المدن اليمنية ، تشيرهذه التطورات المؤسفة التي وضعت اليمن على حافة الحرب الأهلية، الى أهمية التوصل الى تسوية عبر الحوار بين الفرقاء في اليمن ، مثّلت المبادرة الخليجية أنموذجًا لها، وأدى عدم التوقيع النهائي عليها إلى ما نراه الآن من تداعيات قد لا يمكن لجمُها في المستقبل بعد تصعيد إلى مستويات خطيرة لا يمكن التنبؤ بها. الملاذ الوحيد الذي لا يزال متاحًا لإنقاذ اليمن من محنته وتجنيبه دخول النفق المظلم الذي لا يمكن التكهّن بنهايته وظهور بصيص ضوء جديد لبناء يمنٍ متماسكٍ قادرِ على النهوض، هذا الملاذ لا يزال يتمثّل في توقيع الرئيس اليمني على المبادرة الخليجية دون شروط أو تحفظات، باعتبار المبادرة الفرصة الأخيرة لإخراج اليمن من أزمته، إلى جانب كونها الآلية الوحيدة التي يمكن من خلالها الحفاظ على الوحدة الوطنية وعلى مكتسبات اليمن التي تعتبر مطلبًا جماهيريًا في سياق النضال التأريخي الطويل لهذا الشعب الذي عانى كثيرًا من الفوضى والاضطرابات والحروب، وأصبح في حاجة ماسّة إلى استتباب الأمن على أراضيه حتى يتمكن من تحقيق آماله الوطنية في دولة تتحقق فيها مقومات الأمن والاستقرار اللذين يشكلان الأرضية المناسبة لأيّ انطلاقة تنموية حقيقية. اليمن الذي تجاوزت خسائره منذ اندلاع الاضطرابات قبل أكثر من ثلاثة أشهر أكثر من 5 مليارات دولار كان في أمسّ الحاجة إلى إنفاقها على المشاريع الخدمية والنهوض بالمستوى المعيشي لمواطنيه، عليه أن يعيد التفكير قيادة وحكومة ، موالاة ومعارضة ، قبائل وحضر ، في الأوضاع والتطورات الخطيرة التي يمر بها الآن، والعمل من أجل تغليب المصلحة الوطنية العليا بدءًا من الإجماع على المبادرة الخليجية وليس نهاية بوأد الفتنة وهي في مهدها، وعدم إعطاء الفرصة لأعداء اليمن من اختراق خطوط دفاعه عن وحدته وترابه واستقلاله.