كل فتاة بأبيها معجبة، وابن الوز عوّام، ومن شابه أباه فما ظلم.. كل هذه الجمل الدارجة أو الأمثال اللغوية المعروفة تراقصت في مخيلتي مساء يوم الأربعاء الماضي وأنا أتجول في معرض جماعة “عين رأت” الثالث، الذي أقيم في بهو برج الفيصلية بالرياض برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب وتشرف بافتتاحه نيابة عن سموه الكريم سعادة الدكتور فهد بن محمد الباني وكيل الرئيس العام لشئون الشباب، هكذا تبدى المشهد في مخيلتي وأنا أقف طويلاً أمام عمل الفنانة التشكيلية نجلاء محمد السليم.. لقد تقمصت الفنانة نجلاء (وهذا شرف لها) شخصية والدها الفنان التشكيلي الرائد محمّد موسى السليم - رحمه الله-.. ولقد تبدى في عمل الفنانة نجلاء (روح والدها) وبصمته وشواهد حضوره التشكيلي اللافت لقد كانت المدرسة (الآفاقية) التي تبناها السليم حاضرة في عمل ابنته؛ إلا أنها ومن خلال العمل المعروض في القاعة إياها جاءت وكما قلت للفنانة نجلاء بطريقة الضد وهو (الوضع الرأسي). عمومًا جاء عمل التشكيلية نجلاء امتدادًا لمدرسة والدها وكانت الروح موجودة إلا أن الأرتام تغيرت لدى نجلاء خاصة في مجال الشحنات الانفعالية التي تمخض عنها العمل والذي أكدته هذه النزعة الرومانسية الحالمة في اللون الذي جاء لدى الابنة أكثر حرارة ودفئًا وعاطفة كون آفاقيات السليم تتجه نحو ألوان الأفق الصحراوي بكل درجات البني والبيج والرملي والأصفر والتموجات التي يحدثها التلاعب بهذه الألوان بما يعطي الانطباع السائد عن الصحراء ودلالاتها الناطقة بالسراب والعطش.. إلا أن التشكيلية نجلاء نحت منحنى آخر في توظيف معطيات العصر وتطويعها بما يخدم تقنية العمل واستطاعت من خلال ثقافتها الخاصة (التموضع) في خط ربما يخصها هي فقط !! ما يلاحظ على نتاج نجلاء السليم هو الاتجاه إلى الترشيد في الإنتاج أو ربما (الفلترة) والعمل وفق إشباع الدافع!! بعيدًا عن إنتاج (الميكنة) الذي يمارسه البعض من الفنانين والذي يغلب عليه صفة الكم لا الكيف !! عمومًا المعرض احتوى على العديد من المعطيات الفنية والتقنية في مجالات الفن التشكيلي والتصوير الضوئي والخط العربي بما يؤكد شموليته ونزعة مسيّريه نحو توظيف الفن بما يخدم المشاهد الإنسانية حيث خصص جزء من ريع المعرض لأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في مؤسسة الملك فيصل الخيرية. تحية كبيرة لهذا التوجه الخيري لهذه الجماعة التي تزداد تألقًا مع الزمن !! [email protected]