الحديث عن جماعة حوار (تأسست في عام 2004)، حديث عن السياق الفكري الذي اختطته الجماعة لنفسها، وحديث عن الثقافة المنهجية التي أسستها، ساعية لمقاربة الأعمال ضمن خطابها النقدي والمعرفي. فبعد سبعة مواسم ثقافية، قدمت فيها جماعة حوار تجربة جديرة بالنظر إليها من خلال ما تركته من آثار ودراسات ومراجعات. ففيما يتعلّق بموضوعات (خطاب السرد النسائي) وهو محور الجماعة الأول في عام 2004م، فقد تمت طباعته في كتاب ضم إلى جانب الأوراق المقدمة على مدى خمس عشرة جلسة في موسم كامل، جميع المداخلات. وكان للمرأة في هذا المحور حضور لافت. فمن بين خمس عشرة مداخلة قدمت المرأة سبع مداخلات بما يعادل النصف تقريبًا، وأعتقد أن هذه المشاركة سواء على مستوى الموضوع، أو المشاركة لم يكن مسبوقًا من قبل. من بين الأعمال التي وثقتها الجماعة ونشرتها في مجلة الراوي في العدد 19 في سبتمبر 2008م محور (حضور المجتمع السعودي في الرواية العربية)، ومحور (الآخر في الرواية السعودية). وسيصدر في هذا الصيف كتاب يضم أوراق محور (خطاب التنوير النقدي والإبداعي في المملكة). المهم في هذه الجماعة أنها خلقت حالة من الحوار المنفتح على فضاءات ثقافية متعددة، وبين فئات ثقافية مختلفة التكوين، منهم الأكاديمي، ومنهم الناقد المتخصص، ومنهم المهتم بالشأن الثقافي، فهي جماعة لا تؤمن بالانغلاق، بل تؤمن بالانفتاح على كل التيارات وكل الفئات الثقافية رغبة في تأصيل مفهوم الحوار الثقافي والمعرفي. وربما أن هذه النقطة بالذات كانت مصدر خلاف مع البعض ممّن رأى أن ذلك لا يحقق التجانس، ويهدر الجهود المنشودة. وكنا في الجماعة دائمًا نردد أننا جزء من نادٍ ثقافيٍّ هدفه نشر المعرفة لكل روّاده دون تمييز أو طبقية ثقافية. بل إن الجماعة تفخر بكثير ممّن يشغل الساحة النقدية، وهي ترى بعض أعضائها ممّن اتيح لهم الحديث يسهمون بفاعلية ثقافية في كثير من المناشط والمنتديات، من أمثال نورة القحطاني، وفاطمة إلياس، ولمياء باعشن، وسهام القحطاني، وعلي المالكي، وعلي الشدوي، ولا ننسى عودة سحمي الهاجري بعد انقطاع طويل من خلال الجماعة، وقبلها من خلال نادي القصة. وأنا شخصيًّا أحد الذين استفادوا من التكوين الثقافي من خلال الجماعة. فلا يكفي أن تكون متخصصًا، بل المهم أن تتشارك مع الآخرين في المدارسة حتى تعرف القدر الذي تقف عليه، مستفيدًا من كل الإلماحات الثقافية والمنهجية القرائية التي قدمتها الجماعة لروادها. لقد قرأنا الرواية السعودية من خلال أدبيات جماعة حوار، حتى أصبح لدينا دراية بأبعادها ومنطلقاتها، ووعينا الآراء المختلفة حيالها. وليس سرًّا أن تواصلي مع جماعة حوار ساعدني كثيرًا على إصدار كتابة (رجع البصر)، فمع الكم الذي قرأت من الروايات السعودية، ومع الحوار المستفيض مع أعضاء الجماعة تكوّن لدي الكثير من الرؤى التي ما كان يمكن أن تتكون بعيدًا عن المناقشة والمدارسة. بمعنى أنني كتبت عن الرواية السعودية وأنا على دراية بكثير من منطلقاتها وأبعادها. أرجو أن يتاح لهذه الجماعة، وهي في لحظة مراجعة لخطابها، أن تجد مسارًا سالكًا للعمل الثقافي الجاد، وأن تضع آليات جديدة تستوعب التحولات الثقافية الجديدة. * رئيس جماعة حوار