حزام بل أحزمة من المستودعات تلف خاصرة المباني السكنية والمنشآت التعليمية داخل الأحياء السكنية، وتهدد السكان بمخاطر عديدة، فهي أشبه ب “قنابل موقوتة” يمكن أن تحول المنطقة المحيطة بها في لحظات إلى كرة من اللهب بمجرد اندلاع أي شرارة داخلها، فمعظم النار من مستصغر الشرر. وكثيرا ما يفاجأ سكان هذه الأحياء بالخوف والهلع يدب فجأة في نفوس الكبار قبل الصغار، فيغادرون منازلهم على عجل وهم يحملون معهم ما خف وزنه وغلا ثمنه، فيما يسارع أعيان الحي إلى طلب النجدة، وبعد دقائق تعلو أصوات “ونانات” سيارات الدفاع المدني وهي تجوب الأزقة بحثا عن مدخل يتسع لعربات الإطفاء، وبعد طول عناء يعثرون على بغيتهم، فيسارع رجال الإطفاء ليفاجأوا بالمتجمهرين يسدوون الطريق إلى موقع الحريق. هذا السيناريو يتكرر بين الفينة والأخرى في أحياء جنوبجدة منذ أكثر من عقد، حيث تكثر المستودعات المتاخمة للمباني السكنية، ولم تجد محاولات الأهالي واستغاثهم بالمسؤولين في مختلف الجهات المعنية من أجل إزالة هذه المستودعات وإبعاد خطرها عنهم. “المدينة” فتحت هذا الملف الساخن وحاورت الأهالي والسكان المجاورين لمثل هذه المستودعات في حي الهنداوية السكني، ونقلت شكاويهم إلى الجهات المسؤولة، فكانت الحصيلة التالية: 15 مستودعًا في الهنداوية ويحيط بحي الهنداوية وبالتحديد شمال سوق الخيمة عدة مستودعات ما بين كبيرة ومتوسطة الحجم، ويبلغ العدد التقريبي لها نحو 15 مستودعا تضم بين جنبيها مفروشات، إسفنج، ومخزون من الفخار والدقيق، إضافة إلى ورشة حدادة، ومكتبة تحتوي على كتب ومجلات. وبحكم توافر البيئة الخصبة ل “استزراع” تلك المستودعات بعيدا عن عين الرقابة، فإن عددها ما زال في تصاعد مستمر، حيث حولت أخيرا قهوة كانت موجودة في الحي، إلى مستودع ضخم، يحتوي على مواد سريعة الاشتعال في أي لحظة. قنابل موقوتة بداية قال المواطن يحيى جابر القرني - 50 عاما: “هذه المستودعات بمثابة قنابل موقوتة تنذر بالخطر في أي لحظة، ففي حالة حدوث حريق بسبب التماس بسيط لا قدر الله، يمكن أن يحدث ما لا يحمد عقباه، وقد طالبنا عمدة الحي مرارا وتكرارا بوضع حل لهذه المستودعات، ولكن لا نتيجة، ولا ندري أين الخطأ، فالعمدة يقول إنه أبلغ الجهات المسؤولة بخطورة الوضع، ولكن ماذا بعد.... إغلاق الطريق ويشكو عبدالله الجاسم -45 عاما- من أضرار هذه المستودعات، مشيرا إلى أنها كثيرا ما تغلق الطريق المؤدية إليها، حيث تأتي سيارات كبيرة إلى الموقع إما لتحميل بضاعة أو تنزيلها، وبالتالي يتم تعطيل الحركة على الطريق التي لا تتسع إلا لعدد محدود من السيارات الصغيرة، “إلى درجة أننا لا نستطيع إيقاف سياراتنا الخاصة إلا بشق الأنفس، وأحيانا نكون في موقف حرج عند قدوم ضيوف إلينا، وذلك بسبب انسداد الطريق الذي عطلته شاحنات تلك المستودعات”. سريع الاشتعال وفي لهجة ساخرة قال أحد المجاورين لتلك المستودعات: (كان من الأولى وضع لافتة بجوار المستودعات يكتب عليها: “خطر.. لا تقترب.. سريع الاشتعال” وذلك أسوة بحاملات الوقود). وأضاف: “بعد حادث الحريق الأخير الذي وقع في الحي، تبين أن أغلب المستودعات كانت قد تلقت إنذارا مسبقا بالإخلاء من قبل مراقبي الدفاع المدني، ولكن دون جدوى”. اشتراطات الدفاع المدني قال مصدر من قسم السلامة بإدارة الدفاع المدني بجدة إن القسم يشترط أن تكون مباني المستودعات على مسافة آمنة من حدود المباني المجاورة، مع مراعاة أن تقام المستودعات الرئيسة خارج الأحياء السكنية، والصناعية، والتجارية، إضافة إلى أن تكون المداخل، والطرق المؤدية للمستودع ممهدة وبعرض كاف لمرور سيارات الدفاع المدني، والإطفاء الكبيرة الحجم. وزاد: ومن قواعد السلامة والاشتراطات الوقائية الواجب مراعاتها في عمليات التخزين عدم وضعها في الأماكن السكنية والتجارية، وأن تكون هناك 10 أمتار على الأقل في جميع الاتجاهات بين حدود الملكية والجدران الخارجية للمستودعات، ومنع التدخين داخلها منعا باتا.