احتضنت المنطقة الشرقية في الأيام الماضية اللقاء الوطني التاسع للحوار الفكري (الإعلام.. الواقع وسبل التطوير)، حوار بين المجتمع والمؤسسات الإعلامية، حيث كان الهدف الأساسي من عقد هذا اللقاء دفع حركة الحوار في المجتمع من خلال توفير البيئة المناسبة لحوار مثمر وفعال بين أفراد المجتمع وبين القائمين على المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة والعاملين فيها، لمناقشة واقع الإعلام السعودي وسبل تطوير أداء مؤسساته بما يتماشى مع المنطلقات الشرعية والوطنية للمملكة العربية السعودية ومتطلبات التنمية المستدامة، وتقديم ذلك للمتخصصين وصناع القرار. والحوار مطلب مهم في الحياة، وهو قيمة إسلامية دلّت عليها شريعتنا الإسلامية، بل إن دعوة أنبياء الله -عليهم السلام- قائمة على الحوار.. وفي القرآن الكريم حوارات وبأساليب مختلفة، كما أن في سيرة الرسول -عليه الصلاة والسلام- وصحابته -رضوان الله عليهم- شواهد متنوعة تؤكد أهمية الحوار، وتمثل لنا قدوة حسنة في تعاملنا وحوارنا.. وتتزايد الحاجة إلى الحوار في وقتنا الحاضر الذي يواجه فيه مجتمعنا تحديات متنوعة تتطلب فتح قنوات التواصل، وتسيير بعضها مع بعض. إن التنوع في الآراء والأفكار أو حتى الاختلاف بين أفراد المجتمع وفئاته هي سنة الله في خلقه، بل إن التنوع والاختلاف في حدود ما سنه الله -سبحانه وتعالى- ورسوله -عليه الصلاة والسلام- مصدر قوة للمجتمع، إذ يؤكد احتواء جميع أفراد المجتمع بأطيافه وتوجهاته المختلفة، كما أنه مطلب للحراك الثقافي والاجتماعي، وكما قال أحد العلماء «اختلاف الأئمة رحمة للأمة» لكن لا يصل -بإذن الله- إلى حد الخلاف الذي يفرق الشمل، ويؤثر في ثوابتنا الإسلامية ومصالحنا الوطنية. إن حوارنا لا يعني بالضرورة أن يقتنع كل واحد منا برأي الآخر، ولكن يعني التواصل فيما بيننا، وتبادل الآراء والأفكار، والاستفادة من الخبرات، واحترام رؤى الآخرين فيما يخدم مجتمعنا، ويحقق المصلحة العامة. وقد صادف عقد لقاء الحوار الوطني بالمنطقة الشرقية منتدى الإعلام العربي 2011م والمقام تحت عنوان: (الإعلام العربي وعواصف التغيير) في مدينة دبي والذي يهدف إلى توفير فهم دقيق وشامل عن المشهد الإعلامي في العالم العربي، وكذلك فتح قنوات الحوار بين الإعلاميين من العالمين العربي والغربي وذلك لتعزيز التفاهم بين مختلف المدارس الفكرية في العالم بمشاركة أكثر من 60 متحدثاً عالمياً ونخبة من رؤساء التحرير ومديري المحطات التلفزيونية والإذاعية وكتاب الأعمدة والأكاديميين والمحللين والمعلقين وكبار المسؤولين الحكوميين من مختلف الدول العربية. ولو قمنا بربط محاور هذين الحدثين الكبيرين المهمين لنجد أن الإعلام الحديث والجديد هو الحدث الأهم في الطرح والمداولة، حيث استحوذ هذا الموضوع على النصيب الأكبر في معظم الجلسات والمناقشات، وعن دور الشباب عبر استخدامه للإعلام الحديث في إحداث التغيير في المشهد السياسي والثقافي والإعلامي في عدد من العواصم العربية مؤخراً. ومن خلال مشاركتي وحضوري كمتحدث في اللقاء الوطني التاسع للحوار الفكري، وكذلك إطلاعي ومتابعتي لجلسات ونقاشات منتدى الإعلام العربي بدبي، فإنني على ضوء ذلك أرى بأننا مطالبون بإيجاد دورات تدريبية إعلامية أكاديمية للإعلاميين تعني بتثقيفهم وتسليحهم بالمعلومات، وإيجاد دورات متخصصة في مجالات الإعلام المختلفة في كيفية التعامل مع الشباب في ظل استعانتهم بالإعلام الحديث، والاهتمام والتركيز على المتغيرات الحديثة التي طرأت على إعلامنا وأصبحت مصب اهتمام أبنائنا الشباب الذين أصبحوا يشكلون قوة مستقبلية لا يستهان بها، من خلال امتلاكهم للثقافة التقنية السريعة في عصر العولمة، حيث أصبح الكل يمتلك وسيلة إعلامية بين يديه وتحت تصرفه. كما يجب علينا الاستفادة من الشخصيات الإعلامية البارزة والشخصيات التاريخية والرموز الفكرية والوطنية، لتكون قدوة مؤثرة وحاضرة بيننا في حكمة الشيوخ.. وحماس الشباب.