اعتاد أغلبية السعوديين مع حلول شهر يونيو على التهيؤ لمغادرة البلاد بهدف السياحة قاصدين الدول العربية، أو الأوروبية التي اعتادوا على ارتيادها هربًا من حر الصيف في المملكة، وطلبًا للنقاهة والاستجمام والراحة بعيدًا عن هموم العمل والدراسة. ولكن هذا العام ليس كغيره من الأعوام السابقة حيث تشهد معظم الدول التي كانت مقصدًا للسياح السعوديين ظروفًا غير طبيعية نتيجة مخاطر مالية أو بيئية أو سياسية وأمنية. ففي العالم العربي وتحديدًا في الدول التي كانت مقصدًا للسياح السعوديين لا زالت مصر تعيش تداعيات الثورة التي أدّت إلى الإطاحة بنظام الرئيس حسني مبارك، وما جرّت معها من انعكاسات على المستوى الأمني والسياسي والاقتصادي.. وفي سوريا تخيّم أجواء متغيّرات غير واضحة المعالم، مع ما يستدعي ذلك من مواجهات عسكرية في الشوارع في أكثر من منطقة.. وفي لبنان أزمة حكومية تترافق مع تهديدات إسرائيلية، ومع انعكاسات سلبية للأوضاع السورية على الساحة اللبنانية.. وفي تونس هناك تهديدات بعودة الثوار إلى الشارع لإعادة الروح إلى ثورة يُقال إنها اُجهضت.. وفي المغرب وعود بإجراء إصلاحات قبل حلول فصل الصيف، وقد لا تعجب أطراف المعارضة الذين قد يعبّرون عن رفضهم في الشارع. أمّا في أوروبا فهناك أزمة مزدوجة أولها الغبار البركاني الذي يتحكّم بمسار المواصلات الجوية، وهناك أسعار اليورو التي ترتفع بشكل جنوني مقابل الدولار الذي يعتبر العملة الأجنبية الأساسية المعتمدة في دول الخليج عامة، وفي السعودية خاصة. ولهذا نتساءل: لماذا لا يجرّب السعوديون منتجعاتهم السياحية الكبيرة والواسعة والشاسعة المنتشرة في مناطق مختلفة من أرض المملكة التي تتوافر فيها مناخات مواتية، ومؤسسات سياحية فخمة، ووسائل تسلية متعددة ومتنوعة. وقد تكون فرصة للكثيرين من السعوديين لكي يتعرفوا على بلدهم، ويزوروا مناطق لم يسمعوا بها إلاّ عبر وسائل الإعلام، أو قرأوا عنها في كتب التاريخ والجغرافيا. وإذا ما تقبل البعض هذه النصيحة فإن المردود الاقتصادي والمالي سيكون كبيرًا؛ لأن مليارات الدولارات ستبقى في الداخل السعودي، وستترك انعكاسات إيجابية على حركة السوق، وعلى المستوى المعيشي للكثيرين ممّن يعمل في القطاع السياحي، سواء كان في مطعمًا، أو فندقًا، أو مدينة ألعاب، أو وكالة سفر، أو شركة نقليات، أو حتى في محطة وقود. وهذا ليس موقفًا عنصريًّا، ولا دعوة لمقاطعة زيارة البلاد العربية أو الغربية، بل مجرد اقتراح حرصًا على أمن وسلامة السعوديين في ظل الأوضاع التي تمر بها المنطقة العربية، والعالم الغربي، والتي نأمل أن تستعيد كل الدول عافيتها، واستقرارها، وهدوئها، لأننا دائمًا من دعاة السلام والوئام.. فلنجرب السياحة الداخلية عسى أن تكون خطوة على طريق دفع أولادنا لاكتشاف بلدنا. [email protected]