رغم العقبة التي وُضعت في طريق الفلسطينيين نحو إعلان دولتهم المرتقبة، من خلال اللجوء إلى الأممالمتحدة، والتي تمثّلت بشكل أساس في رفض الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال خطابه أمام (إيباك) على هامش زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة إلى الولاياتالمتحدة، لما وصفه بأنه جهد لعزل إسرائيل في الأممالمتحدة في سبتمبر المقبل، وقوله إن التحركات الرمزية لعزل إسرائيل في الأممالمتحدة لن تخلق دولة فلسطينية مستقلة، إلاّ أن هذا الموقف الذي تنكر فيه الرئيس الأمريكي لوعوده السابقة، لم يُثنِ العرب عن إصرارهم على اللجوء إلى الأممالمتحدة، باعتبارها الجهة التي منحت إسرائيل الشرعية الدولية، عبر قرار التقسيم الذي نصّ على إقامة دولتين إحداهما لليهود والأخرى للفلسطينيين، وحيث تم تنفيذ الشق الأول من القرار، فيما لم ينفذ الشق الثاني حتى الآن، رغم القرارات والمبادرات والمرجعيات الدولية التي أعقبته، ودعت جميعها إلى إقامة الدولة الفلسطينية. الإصرار العربي والفلسطيني الذي تمثل مؤخرًا في صدور القرار الذي اتّخذته لجنة متابعة المبادرة العربية أمس الأول بالتوجّه إلى الأممالمتحدة لاستصدار قرار دولي بالاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، يأتي نتيجة طبيعية لاصطدام المفاوضات الطويلة على مدى ثمانية عشر عامًا بمواقف الحكومات الإسرائيلية المتعنّتة التي أثبتت عدم الجدية إزاء تلك المفاوضات، وتنصّلها الكامل من التزاماتها إزاء عملية السلام. ينطوي القرار العربي من هذا المنطلق على قدر كبير من الأهمية، كونه يأتي بعد بضعة أيام من خطابات الرئيس الأمريكي، ورئيس وزراء إسرائيل التي حملت المزيد من مواقف التشدد، لاسيما لجهة تزامن تلك الخطابات مع إمعان إسرائيل في انتهاكاتها للقانون الدولي، وضربها عرض الحائط بقراراته ومرجعياته. لذا يمكن القول إن اللجوء للأمم المتحدة هو حق مشروع للأمة العربية، يعكس تمسكها واحترامها للقانون الدولي، وقرارات الأممالمتحدة، إلى جانب ما يشكّله من رد بليغ على لاءات نتنياهوالتي أعلنها في خطابه أمام الكونجرس، والتي عكست رؤية أحادية، وشروطًا مجحفة للدولة الفلسطينية، بما يتنافى مع كافة المرجعيات القانونية، بدءًا من المبادرة العربية للسلام، والرؤية الأمريكية نفسها، وخريطة الطريق، وتوصيات اللجنة الرباعية.