أكتب هذا المقال باقتراح من د. عبدالرحمن الشبيلي مؤرخ الإعلام السعودي: تاريخًا وصفيًا تحليليًا موثقًا، جمع بين الإعلام (بكسر الهمزة) والأعلام (بفتحها)، وقد دوّن التاريخ الهندسي في كتابه (الإعلام في المملكة العربية السعودية). عندما قرأ د. الشبيلي مقال الأسبوع الماضي عن الأستاذ ماجد الشبل اقترح أن أكتب عن م. موسى مجددي -شفاه الله- كما أفضل عليّ بأن رتب زيارة معه للأستاذ ماجد، وموسى مجددي كان في يوم من الأيام مسؤولًا مميّزًا في إذاعة الرياض عند نشأتها وبعدها، حينما كان العارفون بالأمور الفنية في تشغيل الإذاعة نادرين فضلاًَ عن أن يوجد متخصص في التشغيل الفني الإذاعي. ولد موسى لأب كان سفيرًا لمملكة أفغانستان في القاهرة، وعني به وبأخوته، وعلّمهم اللغة العربية بخاصة، والثقافة الإسلامية بعامة، وتخصص موسى في العمل الهندسي الإذاعي، وتولّى مسؤولية الإشراف على استديوهات إذاعة الرياض في نشأتها الأولى، عندما كانت في مبنى سكني في حي الملز، فأدار الاستديوهات، وأشرف على التشغيل، أمّا التركيب للأجهزة فقد درج العرف في وزارة الإعلام إلى اليوم على أن يكون تابعًا للشؤون الهندسية، وكذلك الصيانة. الوقت الذي كان يشرف فيه على الاستديوهات لا يكاد يوجد فيه فني سعودي، لكنه نجح في تهيئة الشباب وتدريبهم حتى أوجد للإذاعة فنيي تشغيل، وتقلّص عدد المتعاقدين بشكل تدريجي، وبخاصة بعد إنشاء معهد للاتصالات السلكية واللاسلكية والإذاعية، قال عنه د. بدر كريم في كتابه نشأة وتطور الإذاعة في المجتمع السعودي: «عُرف عن موسى المجددي ضبطه وانضباطه في إدارة وتسيير الجانب الهندسي في إذاعة الرياض، وتشجيعه للشباب السعودي المنخرط في العمل الفني». أشرف على استديوهات إذاعة الرياض عام 1384ه (1965م) ولم يكن الإشراف سهلاً في ضوء بداية الإذاعة، وعدم وجود فنيين لتشغيل الاستديوهات، ولكنه بجهده المميز لم يقتصر على تسيير أمور العمل اليومي ومواجهة صعوباته، بل واجه صعوبة التقنية -آنذاك- فلم تكن بيسرها الآن، بل كان البث يتحوّل صوتيًا من مكان إلى مكان حتى يصل إلى المرسلات الإذاعية، أمّا البث الإذاعي الخارجي للمناسبات فكان يتم عن طريق سيارة خارجية، وينقل إلى استديوهات الإذاعة ثم للمرسلات، إضافة إلى ضعف الكهرباء في ذلك الوقت، ووجود مولد كهربائي احتياطي لتشغيل الإذاعة إذا انقطع التيار العام. ومع الجهد الذي بذله في تأسيس الأمور الفنية في إذاعة الرياض، وتشغيل الاستديوهات وإدارتها، فإن الأمر الآخر المهم هو صناعة جيل فني سعودي استطاع تشغيل الإذاعة، وكان له القدح المعلّى في ذلك، حفظه الله ورعاه وشفاه. فاكس: 012311053 [email protected]