وهذا موظف في محكمة (ليس قاضياً) ينجح بامتياز في إنهاء معاناة زوجة مدمن في الثلاثينات من عمره وأب لطفلين. المرأة في عقدها الثاني، أي شابة صغيرة لم يبق لها حل إلا الطلاق، فأبى، فرضيت بالخلع الذي اشترطه القاضي! ويا له من شرط (عكاظ، 19 مايو). ومع هذا استمرت الزوجة تتردد على المحكمة مدة عامين كاملين دون جدوى، وكانت آخر طلبات القاضي تكليف الزوج بالذهاب طواعية إلى مستشفى الأمل كي يحلل دمه المشبع بالمخدرات، ثم يعيد نتائج التحليل إلى القاضي شخصياً. طلب عجيب! وأعجب منه هذه المماطلة الطويلة حتى لو كانت من زوج صالح بر تقي، إذا كانت المرأة غير راغبة فيه، فكيف بمدمن يشكل خطراً على زوجته وحياتها وعرضها، وطفليه ومستقبلهما. وفي المرة الأخيرة احتال عليه موظف المحكمة باجتهاد يُشكر عليه، إذ أوهمه بأن الشرطة في طريقها إلى القبض عليه وأخذه إلى المستشفى عنوة لتحليل دمه، فخاف من الفضيحة المجلجلة وأعلن الطلاق خوفاً لا حياء، ورهبة لا رغبة. هذه عينة قد تكون قليلة في محاكمنا، لكنها تحدث بين الحين والآخر، بل أعلم عن حالة منظورة في المحاكم مرّ عليها قرابة عام، ولم تتحلحل كثيراً بالرغم من مكانة أبيها الفاضل وطول معاناة ابنته المسكينة. لكن الشاهد شيء غير هذا! النكتة المضحكة المحزنة هي تعليق أحد القراء على الشبكة إذ قال: (يبشر «يقصد الموظف» بلفت نظر من الوزارة.. شديد)، لأن الموظف تدخل فيما لا يعنيه، وأوهم خصما بغير الحقيقة، فأخاف البعل المسكين والمدمن العربيد. لماذا يشعر كثير منا بأن اجتهاد الموظف، ولو كانت مآلاته حسنة أمر غير محبذ، بل ومنبوذ؟! لماذا يتهكم البعض «بهيك» حيلة لإحقاق الحق ودفع الظلم؟ هل سيُوبخ فعلاً الموظف المعني لأنه كذب، والكذب حرام، في حين لا أعلم ماذا يمكن أن نسمي هذه المعاناة الطويلة، وتحت أي بند تدخل هذه الجريمة المتكررة باستمرار دون تقنين لإجراءاتها وسبل التعامل معها!! تحية وألف تحية لهذا الموظف المثالي بحق، فقد أتى بما لم يأت به الأوائل!! [email protected]