لقد رأيت تباين الناس في الآونة الأخيرة عن البث المباشر، فمنهم من فرح بقدومه وأعد له الفراش واللحاف، وآخرون سلبيون كأن الأمر لا يعنيهم، وآخرون هم الذين أقض هذا الغول القادم والشر الداهم مضاجعهم فراحوا يبحثون عن سبل العلاج وطرق الوقاية؛ خوفًا على أمتهم وحماية أعراضهم ونحن الآن في أمس الحاجة إلى معرفة الخير من الشر، وما تلك المصائب التي تواجهنا إلا لأسباب التفريط وتجاهل العواقب المستقبلية، فهل عرفنا الآثار المؤلمة الوخيمة التي تترتب على اقتناء القنوات الفضائية؟ إن كنا لا نعرف فتلك مصيبة وإن كنا نعرف فالمصيبة أعظم وسوف أتكلم على الآثار المفجعة فأقول: إن الحديث عن آثار البث المباشر لا ينفصل عن الحديث عن أثر الاعلام الخارجي وماذا جنى على أمتنا خلال العقود التي مضت، والحديث عن البث المباشر هو الحديث عن الأفلام وما خلفته من ركام، ولا تزال تعبث في أجساد وعقول أمتنا شبابًا وشيبًا، فإذا كانت هذه الأفلام تحمل السموم للأمة، فما بالك بالبث المباشر؟ وأقول كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ويل للعرب من شر قد اقترب”. وعجبًا لمن يبني ناطحات السحاب على أنقاض صروح الفضيلة والحقيقة أن آثار الفضائيات كثيرة منها آثار عقدية بمعنى زعزعة عقيدة الإسلام في نفوس كثير من الناس فاليهود والنصارى قد جعلوا من أهدافهم إخراج المسلمين من دينهم وزعزعة العقيدة في نفوسهم، وقد تحقق شيء من ذلك عبر الفضائيات، وذلك باكتساب العادات المحرمة أما الأثر الثقافي والعلمي فوصل إلى ضعف مستوى التعليم، وتلقين المجتمع مفاهيم جديدة كشيوع الخمول والكسل، أما الأثر الأمني فحدث ولا حرج، فمسرح الجريمة الميداني هو تطبيق للمشاهدات التي لها دور كبير في نجاح الجريمة، أما الأثر الأخلاقي هو من أخطر ما يخشى على الأمة.. إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا ومن أبرز ما خلفته الفضائيات هو الخلل الكبير في أخلاق الرجال وأعراض النساء كشيوع الرذيلة وسهولة ارتكابها حتى تصبح أمرًا هينًا، كما هو حاصل الآن في بعض المجتمعات كتفجير الغرائز الداعية لأمور محرمة؛ لتعويد الناس عليها. أما الآثار الاجتماعية فهي تتمثل في تأخير الزواج وتفشي الطلاق، ومحاربة تعدد الزوجات، ولقاءات الفتى والفتاة بعد الخطبة وقبل العقد عليها برضا الأهل، وانصراف النساء للأزياء العالمية، وسيطرة النساء على الرجال، وضعف القوامة بدعوى الحرية ودخول العادات الغربية إلى بيوت المسلمين. والحقيقة أن الآثار السيئة يصعب حصرها كالآثار الصحية والسياسية والاقتصادية وإبراز أبطال لا حقيقة لهم على حساب أبطال الإسلام، وسعي الفرد لتقليد هؤلاء، ومثال ذلك إبراز لاعبين وممثلين وفنانين على أنهم أبطال حتى أصبحوا هم المثل الأعلى لكثير من الشباب والفتيات. فريح شاهر الرفاعي - المدينة المنورة