دُعيتُ لحفل تخرّج دفعة من طالبات جامعة الملك عبدالعزيز بجدة هذا العام، الذي نظّمته الجامعة برعاية كريمة من صاحبة السمو الملكي الأميرة صيتة بنت عبدالله بن عبدالعزيز، وقد تنامى عدد الخريجات هذا العام إلى 8185 خريجة بمراحلها المتعددة. وفي يوم الحصاد ثمّةَ سؤالٍ ملحّ يطرأ على الذهن (الخريجة الجامعية ورحلة البحث عن الذات)، إذا كانت الخريجة الجامعية عونًا للتنمية، أم عبئًا عليها؟. وقد سوّغت ذلك الاختيار بمقولة: إن مدخلات الجامعة -أي جامعة- ومخرجاتها من الفتيات تشكّل هاجسًا ثقيلاً يسكن مساحة واسعة من الأرق الوطني العام منه قبل الخاص! * 8185 طالبة من بنات الوطن، يحملن الآمال، والأحلام، والطموح بخطى مثقلة بالتفاؤل، أزعم أن هاجسًا ثقيلاً لم يزل يضرب أطنابه في نفوسنا، بدءًا بأولياء أمور الطالبات، وانتهاءً بصانعي القرار! وأجرؤ على القول بأن ذلك الهاجس بات اليوم أكثر حضورًا وإلحاحًا بعد أن ازداد عدد الخريجات إلى الضعف أو يزيد قليلاً! ويسعدني أن أختزله عبر هذا الحديث بشيءٍ من قلق يسَاورني إزاء القادم من الخريجات. * هناك فرضيتان للحديث، الأولى أن الخريجة المقبلة على البحث عن العمل تواجه حزمة من التحديات، تفرزها ظروف اجتماعية، وفرص عمل متاحة في القطاع الخاص، ورواتب ضعيفة. أمّا الفرضية الأخرى فترى أن لدى الخريجات منظومة من المخرّجات، تكيفها الآلية التي يتعامل من خلالها مع قدراتها، ورؤاها، وطموحاتها لخدمة تراب وطنها. وأضيف إلى ذلك القول بأن غياب تصور تنموي شامل للتعليم الجامعي للفتيات، وربطه بالتنمية وطموحاتها، أولوية وكيفًا، من الأمور التي تضاعف حجم الصعوبات، وتعلي نسب البطالة النسائية يومًا بعد يوم. وتأييدًا لما تقدّم، أرى أن هناك حاجةً ملحّةً لا أخالُها تخفى على ذهن أحد مِمَّنْ يهمُّه أمرُ هذا الوطن، ألا وهي معاناة الخريجة في اختيار فرصة العمل بعد فوزها بوثيقة النجاح، ومرة أخرى، يسْتَعِرُ في وجدان الخريجات أزمةُ الاختيار: هل تتجه للعمل في القطاع الحكومي أم الخاص؟ فإذا رجَحتْ كَفَّةُ القطاع الخاص، فأين بيئة العمل المناسبة في القطاع الخاص؟ ما هو نصيبُها في العثور على عمل يتلاءم مع تخصصها وتحصيلها، من جهة، ويرضي طموحاتها المتنوعة، العاجل منها والآجل من جهة أخرى؟!. حفظ الله بلادنا، وزادها نموًّا وازدهارًا لنخدم الوطن نساءً ورجالاً.