دفع «مشاري السريحي» رحمه الله حياته ثمناً لإنقاذ طفل وأبيه أمريكيين غرقاً في بحيرة في الولاية التي يدرس بها، ونحسبه شهيداً لأنه مات غريقاً، ونحسبه شهيداً إن شاء الله لأنه يقدم صورة ناصعة للمسلم الذي ينفع الناس إلى أبعد مدى، وقليل ما هم. وودت لو أن مسؤولاً منّا سبق القنصل الأمريكي وزوجته في تقديم واجب العزاء للأسرة ومواساتها، وإعلان افتخار الوطن بشاب أصيل لا يتوانى عن تقديم الخير، بل والتضحية بنفسه: «يجود بالنفس إن عزّّ الجبان بها...والجود بالنفس أقصى غاية الجود». إننا في حرب مع الغرب، شئنا هذه الحرب أم أبيناها، في الاقتصاد والسياسة والأخلاق والثروات والعلم والتعلّم، وقبل ذلك وبعده في الإرهاب الذي يصموننا به صباح مساءً خصوصاً بعد 11 سبتمبر، ولهم فيه القدم الراسخة والقدح المعلّى. ليس تقديم العزاء فحسب، بل تكريم أسرته التي أحسنت تربيته، والإعلان عن أنموذج لا يحارب الإرهاب بالسلاح، بل بالسلوك الحسن والفعل الاستثنائي، والحياة الجادة التي تجعل الشاب المسلم قدوة للآخرين في أفعاله وأقواله. لا يزال أمامنا ما يكفي لاستدراك التعبير عن احترامنا وتقديرنا ل «مشاري» يرحمه الله وأسرته، لأن لدينا أكثر من مائة وعشرين ألف طالب وطالبة في بلاد مختلفة من العالم، ويحتاجون إلى أن نشعرهم أنهم في عيوننا وقلوبنا، وأنهم سفراء فوق العادة في وقت تحتاج البلاد فيه إلى نماذج متميزة يحترمنا الآخرون من خلالهم ويشعرون بأننا فعلاً رسل سلام وإنسانية وحضارة. [email protected]